أعتقد أن النظام الإيراني لجأ إلى أسلوب مختلف للقضاء على ثورة الشعب التي بدأت منذ سبتمبر الماضي، ليس عبر زيادة كمية العنف والقتل وما شابه ذلك، فهي طرق لم تعد ناجحة لمواجهة هذه الثورة، بل على العكس، لأنها تزيد من غضب الشعب، وتجعل من استسلامه للنظام أمراً شبه مستحيل.
هذا الأسلوب الذي لجأ إليه النظام يبدو أنه جديد وغير معهود بالنسبة له، وربما جاء بالتنسيق مع دول يظن الجميع أنها عدوة للنظام الإيراني، وهذا الأسلوب يتمثل في «خلق» منافس جديد للمعارضة الإيرانية في الخارج، ودعمه بكل قوة، وتقديمه على اعتبار أنه الممثل للشعب المنتفض ضد النظام، ولكن بأسلوب يختلف عن المعهود في جماعة «مجاهدي خلق»، وهي الجماعة التي يعرفها القاصي والداني بأنها المعارضة للنظام الإيراني.
رضا بهلوي ابن شاه إيران السابق هو المنافس الجديد لجماعة «مجاهدي خلق»، الذي أوجده النظام الإيراني بمساعدة دول غربية، والذي بدأ نجمه يغزو سماء المعارضة الإيرانية إلى درجة أنه أصبح الناطق باسمها عند جهات ودول أخرى في الغرب، وهذا ما حدث فعلاً في مؤتمر دولي مثل مؤتمر ميونخ للأمن الذي أقيم في فبراير الماضي، والذي شهد استبعاد ممثلي جماعة «مجاهدي خلق» من حضوره، ليصبح بهلوي بين عشية وضحاها هو الناطق الرسمي باسم المعارضة الإيرانية في ذلك المؤتمر.
رضا بهلوي من الآخر هو ورقة مساومة أو منافس أوجده النظام الإيراني ودول غربية، وموجه ضد جماعة مجاهدي خلق، التي وجدت في ظل ما يحصل عليه بهلوي من دعم عالمي منافس لها ولممثلتهم مريم رجوي، وفي هذا الأمر خطورة ينبغي على الشعب الإيراني إدراكها جيداً، حيث إن بهلوي بدأ يتصرف بشكل «غريب»، وتحديداً بعد زيارته مؤخراً لإسرائيل التي استغلها إعلام الملالي؛ لإيهام الشعب الإيراني بأن المعارضة الإيرانية في الخارج مُطبعة مع عدوة الإسلام والمسلمين إسرائيل.
إن تصعيد نجم «بهلوي» في سماء المعارضة سيؤدي إلى تشتيت جهود المعارضة الحقيقية للنظام الإيراني الذي سيعمل على تقديم كل ما من شأنه النيل من عزائم الشعب وإحباطه وإخماد ثورته، ووجود ورقة يلعب فيها مثل بهلوي ستؤدي إلى انقسامات بين الشعب المنتفض، وبالتالي ظهور خصوم وقياديين يستطيع النظام تمييزهم والتعرف عليهم بسهولة ثم القضاء عليهم، وبذلك تضعف انتفاضة الشعب شيئاً فشيئاً إلى أن تتلاشى، بفضل تطبيق النظام سياسة استعمارية قديمة/ جديدة وهي فرق تسد.