من الأمور التي من الواضح أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وفي ثورة» لا يدركونها أن اللياقة السياسية المطلوبة لإدارة الدولة تختلف عن لياقاتهم وأنهم لا يمتلكون المتطلبات اللازمة للقيام بذلك، فالدولة ليست نادياً غاية همه تنفيذ أنشطة رياضية والظفر بالكؤوس وشهادات التقدير وتوسيع قاعدة المشجعين وليست جمعية خيرية همها جمع التبرعات وتقسيمها على الفقراء والمساكين بطريقتهم. هم لا يمتلكون مثل تلك اللياقة ولا مثل تلك المتطلبات، لذا فإن العقل والمنطق يفرضان عليهم مراجعة أنفسهم لتبين حجمهم وقدراتهم والتوقف عن التحليق في الخيال والتسبب في أذى الذين لا يزال العبث برؤوسهم يسيراً ، خصوصاً وأن فترة عشر سنوات ونيف كافية لتبين وتحقق كل ذلك.

يكفي لتأكيد كل هذا بأنهم خلال تلك السنوات وإلى اليوم لم ينشغلوا إلا بالتأويلات والتصريحات والتحليلات ولم يحققوا أي إنجاز يفيد العامة الذين رفعوا شعار الانتصار لهم وتسببوا في أذاهم. بالعامية فإن ما فعلوه هو أنهم «ناطحوا» دولة في وقت يعلمون فيه جيداً أنه لا قرون لهم حيث «المناطح» يحتاج إلى قرون.. وسنوات!

واقع الحال يؤكد أيضاً أن الأمور التي قالوا إنهم فعلوا فعلتهم في تلك السنة ليحققوها للناس تحققت وتحقق بعدها الكثير من الذي لم يخطر في بالهم وأن الأحوال من حولهم تغيرت وأن هذا يعني أن الحضن الذي قبعوا فيه طوال تلك المدة لم يعد دافئاً ولا مناسباً ولم يعد صاحبه عضيداً وإنما صار يعمل لمصالحه وهو اليوم مشغول في إصلاح علاقاته مع مختلف دول المنطقة حيث الدول مصالح وحيث إن تلك الدولة أيضاً ليست نادياً وليست جمعية خيرية.

الاستمرار في إصدار البيانات والتصريحات لا يفيدهم حتى لو صارت «ترند»، والبحث عن موضوعات لاعتمادها لتكون «سالفة اليوم» وحشوها بمعلومات لا تمت إلى الواقع بصلة لا تفيدهم ويشكك العالم في صحتها لأنهم بالمنطق لا يمكن أن يكونوا قد تواجدوا في اجتماع حصل بين اثنين في غرفة مغلقة.