عبر حسابها على الإنستغرام بثت إحدى الأمهات العربيات، المهاجرات حديثا إلى الغرب، شكوى مرة وأليمة حول ما تتعرض له طفلتها الوحيدة من تنمر في المدرسة. وسردت طويلا كيف أنها تغاضت كثيرا عن سلوك زملاء ابنتها، وكيف حاولت تقديم الدعم المعنوي لها لتساعدها على التعامل من الزملاء. ثم بينت كيف أنها تواصلت مع الإدارة المدرسية التي لم تعر الموضوع أي اهتمام واعتبرت ما يحدث سلوكا طفوليا لا يستوجب التصعيد من قبل الأم. الأم تطرقت إلى ما كانت تعانيه طفلتها، كان زملاؤها يصفونها بأنها قبيحة ومقززة، وأن لها أنفاً ضخماً وأسناناً كبيرة، وأن لونها الأسمر «الحنطاوي» دليل على وساخة جلدها وسوء رائحته. تعرضت الطفلة للإقصاء والازدراء من زملاء الصف. لم تتمكن من تكوين الصداقات رغم إغداقها عليهم الهدايا والحلويات، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أن تترك المدرسة وتجلس في المنزل في حالة انهيار نفسي جعل الأم تبكي بحرقة عبر الإنستغرام.
الحديث عن التنمر واسع وغزير، أسبابه، أنواعه، آثاره، لكن الجزء الذي أرى أنه أكثر إيلاما هو محاولة تحطيم معنويات وذات الآخرين. فالمنهجية التي يعمل عليها «المتنمِر» هي اصطياد فريسة هشة يمارس عليها النوع المناسب لها من التنمر الجسدي أو النفسي وحاليا التنمر الرقمي. المتنمِر يعمل في منطقة الهشاشة ويستثمر خصائصها من مكونات الضعف أو النقص في المظهر الخارجي، أو المستوى الاقتصادي، أو ضعف العلاقات الأسرية وقلة الأصدقاء، ثم يركز بكافة قواه لتخريب المناطق الهشة كي تتوسع إلى المناطق المستقرة في ذات الضحية لتدمرها أو تلحق بها الضرر، فتصبح المعادلة مرسومة بين طرفين، طرف قوي واثق من نفسه جسور في عمليات التنمر، وطرف آخر هش خائف عاجز عن الدفاع عن نفسه.
وهذا لا يعني أن المتنمِر يتمتع بشخصية صحية ومكتملة، بل قد يعاني هو شخصيا من الهشاشة، نتيجة الشعور بالدونية في بعض جوانب حياته، الأسرية أو التعليمية أو المهنية، ويمارس التنمر على الآخرين ليرتفع تقديره لذاته، بأنه في مستوى أعلى من الضحية قادر على التسلط عليه والتحكم فيه وإيذائه بنجاح.
المتنمرون في حياتنا كثيرون، قد يكون أولهم أفراد الأسرة والوالدان تحديداً حينما يتعمدون وصف أبناءهم بالفشل والإهمال وعدم التمييز والمقارنة بإخوانهم أو أقاربهم. والتنمر لا يقتصر على الأطفال، بل قد يعاني منه الكبار في محلات العمل أو الحي أو الأسرة، وفي ذلك قصص كثيرة عن الازدراء المجتمعي والتهميش والنبذ. وما يميز التنمر عن بقية أساليب الإيذاء المعنوي والجسدي هو أن التنمر عملية ممنهجة مستمرة لا تنجو منها الضحية إلا بالانسحاب أو بالمواجهة المدعومة من الأهل والأصدقاء وباقي أفراد محيطه.
إن مسألة السقوط في الهشاشة النفسية مسألة مهمة تستحق تسليط العناية عليها من الآباء والمدارس والمجتمع كافة؛ فالشخصية الهشة هي فريسة سهلة ومغرية للتنمر وللاستدراج لكافة ما يمكنه تدمير الذات، من المخدرات والمسكرات أو المواقع الإلكترونية الإجرامية، كما أن الهشاشة هي الطريق الأول للأمراض النفسية والإكلينيكية والموت السريع أو الانتحار؛ لذلك يحتاج المجتمع إلى طرح أساليب تربوية وتعليمية لتدريب الأطفال وغيرهم ممن يكونون معرضين للهشاشة، على التقدير العالي للذات، ومواجهة المتنمرين. كما يحتاج إلى تعليم الأطفال منذ سن صغيرة على التعاطف وتقديم الدعم وقبول الآخر.
الحديث عن التنمر واسع وغزير، أسبابه، أنواعه، آثاره، لكن الجزء الذي أرى أنه أكثر إيلاما هو محاولة تحطيم معنويات وذات الآخرين. فالمنهجية التي يعمل عليها «المتنمِر» هي اصطياد فريسة هشة يمارس عليها النوع المناسب لها من التنمر الجسدي أو النفسي وحاليا التنمر الرقمي. المتنمِر يعمل في منطقة الهشاشة ويستثمر خصائصها من مكونات الضعف أو النقص في المظهر الخارجي، أو المستوى الاقتصادي، أو ضعف العلاقات الأسرية وقلة الأصدقاء، ثم يركز بكافة قواه لتخريب المناطق الهشة كي تتوسع إلى المناطق المستقرة في ذات الضحية لتدمرها أو تلحق بها الضرر، فتصبح المعادلة مرسومة بين طرفين، طرف قوي واثق من نفسه جسور في عمليات التنمر، وطرف آخر هش خائف عاجز عن الدفاع عن نفسه.
وهذا لا يعني أن المتنمِر يتمتع بشخصية صحية ومكتملة، بل قد يعاني هو شخصيا من الهشاشة، نتيجة الشعور بالدونية في بعض جوانب حياته، الأسرية أو التعليمية أو المهنية، ويمارس التنمر على الآخرين ليرتفع تقديره لذاته، بأنه في مستوى أعلى من الضحية قادر على التسلط عليه والتحكم فيه وإيذائه بنجاح.
المتنمرون في حياتنا كثيرون، قد يكون أولهم أفراد الأسرة والوالدان تحديداً حينما يتعمدون وصف أبناءهم بالفشل والإهمال وعدم التمييز والمقارنة بإخوانهم أو أقاربهم. والتنمر لا يقتصر على الأطفال، بل قد يعاني منه الكبار في محلات العمل أو الحي أو الأسرة، وفي ذلك قصص كثيرة عن الازدراء المجتمعي والتهميش والنبذ. وما يميز التنمر عن بقية أساليب الإيذاء المعنوي والجسدي هو أن التنمر عملية ممنهجة مستمرة لا تنجو منها الضحية إلا بالانسحاب أو بالمواجهة المدعومة من الأهل والأصدقاء وباقي أفراد محيطه.
إن مسألة السقوط في الهشاشة النفسية مسألة مهمة تستحق تسليط العناية عليها من الآباء والمدارس والمجتمع كافة؛ فالشخصية الهشة هي فريسة سهلة ومغرية للتنمر وللاستدراج لكافة ما يمكنه تدمير الذات، من المخدرات والمسكرات أو المواقع الإلكترونية الإجرامية، كما أن الهشاشة هي الطريق الأول للأمراض النفسية والإكلينيكية والموت السريع أو الانتحار؛ لذلك يحتاج المجتمع إلى طرح أساليب تربوية وتعليمية لتدريب الأطفال وغيرهم ممن يكونون معرضين للهشاشة، على التقدير العالي للذات، ومواجهة المتنمرين. كما يحتاج إلى تعليم الأطفال منذ سن صغيرة على التعاطف وتقديم الدعم وقبول الآخر.