ما إن يبدأ موسم الحج حتى تعود لنا تلك المشاهد التي تسرّ القلب وتجبر الخاطر وتحمل كثيراً من المعاني التي لا يمكن أن نترجمها بكلمات أو عبارات تفي حقها، مشاهد مفعمة بصدق النوايا وخالص الأعمال. فمشهد الابن الذي يحمل والده على ظهره ويطوف به في أروقة الكعبة المشرّفة بنيّة الأجر من رب عظيم، وكذلك الابن أو الحفيد الذي يحمل جدّه أو جدّته مسانداً لأحد والديه.. وغيرهما الكثير.

ومن مجمل القصص والمشاهد التي تترجم حب البعض لأداء هذه المناسك العظيمة تصريح أحد الحجاج من الجنسية الآسيوية الذي قال ودموع الفرح والأمل والسعادة تغمر عيونه وقلبه: «لقد منَّ الله العظيم عليّ بأن أحضر إلى مكة لأداء مناسك الحج بعد تجميعي للمبلغ فترة 40 سنة، ولكن للأسف لم أتمكّن من إحضار أمي وأبي وإنما فقط تمكّنت أن أحضر والدي».

فأي حب وأي ولاء تتحدث به، هذا هو الحب الخالص لله عز وجل. 40 سنة يعمل ويشتغل ويجتهد ويصرف على أهله وعائلته وهدف واحد يلازمه طيلة عمره وهو أن يأخذ والديه إلى أداء هذه الشعائر العظيمة». فأين نحن من هذه التضحيات العظيمة في سبيل مرضاة الله عز وجل.

والمشهد الثاني الذي هزّ كياني، تعب أحد الحجاج وإدخاله المستشفى أثناء وجوده في الحرم وعندما شعر بأن أمر الله قد حان؛ فقد أرسل رسالة صوتية لأحد أبنائه يوصيه بما يجب أن يقوم به من التزامات دينية ودنيوية تجاه أهله وتجاه الآخرين. ولكي نعلم أنه قد توفي بعد رسالته تلك بما يقارب الثلاث ساعات.

والمشهد الثالث مواطن سوري بسبب حصوله على بعثة الحج تمكّن أن يلتقي بوالدته التي غاب لقاؤه بها ما يزيد عن 6 سنوات وأخيه أيضاً بـ12 سنة، فقد عملت السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية أن تُحضرهما من إحدى الدول المجاورة للقائهما به بعد سنوات الغياب، الطويلة. مشاهد عديدة ومتعددة ومتفرقة تعكس لنا القيمة الغالية والرفيعة لإحدى شعائر الله عز وجل.

نسأل الله أن يحفظ جميع الحجاج ويتقبّل لهم طاعاتهم ويعودوا إلى ديارهم بخير سلام.