من الصعب إيجاد تفسير واضح من قبل الإعلام الغربي للسياسات الخارجية لمنظومة دول مجلس التعاون، فمرة نجدها تميل إلى المحور الشرقي المتمثل بالصين وروسيا ومرة أخرى إلى المحور الغربي والمتمثل بأمريكا والاتحاد الأوروبي.
فقد عملت دول مجلس التعاون على تأسيس معادلة التوازن الاستراتيجي، بحيث وظفت أدواتها لتحقيق رؤيتها المتمثلة بمصالح أمنها واستقرارها، فقد شهدت جنوب أفريقيا دعوة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى منظمة بريكس التي تتزعمها الصين، وبعدها بأيام فقد أعلن في نيودلهي في قمة العشرين عن ممر استراتيجي اقتصادي يربط الهند بالشرق الأوسط امتداداً لأوروبا والتي جاءت برعاية أمريكية.
هذه السياسات الخارجية والخطوات توضح أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعمل في إطار واحد ومنهج متسق مع الأحداث وتتعامل مع المتغيرات وفق مصالحها العليا، وبالتالي أن النقطة التي يصعب على الإعلام الغربي تفهمها هي أن دول الخليج تتكيف مع ما يجري في الساحة الدولية بحيث تؤمن نفسها من المخاطر.
فما كان عودة العلاقات السعودية الإيرانية إلا خطوة من عدة خطوات تم اتخاذها في السنوات الأخيرة والتي هدفت بشكل مهم لتحقيق استقرار المنطقة الخليجية، وفي المقابل فقد وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين اتفاقيات سلام مع إسرائيل، فيما عملت سلطنة عمان ودولة قطر على التوسط وإيجاد أرضية للتفاهمات الأمريكية الإيرانية، كل هذه الخطوات تؤكد أن تلك المنظومة تتوزع أدوارها بحرفية عالية وبتنسيق متزن تضمن عدم المساس بالمصالح القومية لكل دولة.
النقطة التي أود إيصالها أن منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أظهرت شخصيتها للعالم بشكل واضح بعدما كانت محدودة بإطارها الإقليمي، فهي على العكس تماماً فكل يوم تزداد قوة وترابطاً وتكاتفاً، فالاتفاق الموحد الذي يجمع هذه المنظومة هو الحفاظ على الأمن والاستقرار عبر عمل مشترك وبتبادل أدوار يتم فيها فرض أساليب دبلوماسية فعالة لتحقيق الغاية الأهم وهي ازدهار المنطقة والنهوض بها على كافة المستويات، فالعقول التي تعمل بهذه المنظومة تدرك تماماً أن التمسك بمبادئ تأسيس دول مجلس التعاون لدول الخليج القائمة على التصدي للمخاطر هي الركن الأساس للبقاء على الخارطة الدولية وذلك لضمان واستمرار رفاهية الشعوب بها.