"هذا المشروع الحيوي الكبير يحمل بشائر الخير لتعزيز مسارات التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من الفرص الوظيفية النوعية أمام الكوادر الوطنية"، بهذه الكلمات الرصينة والحكيمة، أوجز حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم حفظه الله ورعاه، مدى أهمية مشروع تحديث مصفاة بابكو للتكرير، كأكبر مشروع استراتيجي في تاريخ مملكة البحرين وفي قطاع الطاقة، وذلك لدى تفضُّل جلالته فشمل برعايته الكريمة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حفل افتتاح المشروع، والذي يأتي متزامناً مع احتفال مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وعيد الجلوس الخامس والعشرين لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم حفظه الله ورعاه، وما يصاحبها من مناسبات وطنية.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذا المشروع الذي يصنَّف على أنه أضخم مشروع رأسمالي يتمّ تنفيذه في تاريخ مملكة البحرين، يتزامن انطلاقته مع مرور أكثر من 93 عاماً، وهو العمر التاريخي لاسم "بابكو" العريق، الذي شهد أول تدفق لكميات النفط الخام في منطقة الخليج العربي في الثلاثينات من القرن الماضي.
إن اهتمام المملكة بقطاع النفط والغاز لا يقتصر على أنه يُعدّ إحدى الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد البحريني، ليس هذا فحسب، بل تتجلّى أهميته الكبيرة كأحد القطاعات المؤثرة في حركة التجارة والاقتصاد، حيث وصلت نسبة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، بحسب التقرير الاقتصادي الفصلي الصادر عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني نحو 14.5% خلال النصف الأول من العام الجاري.
ووفقاً لما أعلنه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس مجلس إدارة "بابكو إنرجيز"، فإن هذا المشروع يحمل مستقبلاً مشرقاً للبحرين وأبنائها البررة لاسيما في قطاع النفط والغاز والطاقة، حيث يضمّ 15 محطة فرعية و21 وحدة معالَجة جديدة، وبالتالي سوف تتمكّن المملكة من تكرير كميات تصل إلى 400 ألف برميل في اليوم الواحد.
من هذا المنطلق سوف تجني المملكة "بشائر الخير"، حقاً وصدقاً ويقيناً، من خلال تضاعُف أرباح الشركة نتيجة لزيادة السعة الإنتاجية وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، وتحقيق مزايا طويلة الأجل في الكلفة التنافسية، بالإضافة إلى أن أكثر من 500 مهندس بحريني، من الجنسين، جاهزون لمتابعة تشغيل وحدات المشروع وإدارته، استجابة لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم حفظه الله ورعاه.
ومما يجدر الإشارة إليه، تلك اللحظة المتميزة في تاريخ البحرين حينما تفضَّل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم حفظه الله ورعاه، بافتتاح المشروع، وشمل برعايته قصَّ شريط افتتاح المرحلة التشغيلية الأولى من المشروع باستخدام الخنجر التقليدي، وذلك على خُطى جدّه الأكبر الراحل صاحب العظمة سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، حاكم البحرين طيّب الله ثراه، وفق تقليد قام به في حفل افتتاح مصفاة بابكو في 11 ديسمبر 1937، قبل نحو 87 عاماً.
من حقّ البحرين وأبنائها البررة أن يتطلعوا وهم فخورون بجهودهم المتميزة منتظرين المستقبل المشرق والغد المكلّل بالازدهار، خاصة أن افتتاح مشروع تحديث مصفاة بابكو يمثّل لحظة مهمّة في تاريخ المملكة، حيث يُعدّ الحدث الجلل تكريماً للتقاليد الملكية التي استطاعت أن تربط الماضي بالمستقبل، عبر عقود من الزمان، وتؤكد مدى الترابط والتجانس بين الإرث الملكي المُستدام والحفاظ على التراث الاستثنائي الممزوج بالابتكار.