فليعذرني بعض الذين قد يمسهم هذا المقال، إلا أنه كلام لابد أن يقال. الصحيح أننا نعاني من تضخم غير مسبوق، والصحيح أن الوضع الاقتصادي عالمياً مزرٍ، والصحيح أن فرص زيادة المدخول وإيجاد مصادر دخل إضافية معدومة ومن يستمع إلى تذمر وشكاوى الناس يعتقد أننا على مشارف نهاية العالم، فإذن من أين يخرج لنا عشاق «الآيفون»؟
مجموعة كبيرة تقف في طوابير طويلة وفي وقت متأخر من الليل فقط ليكونوا من أوائل من يحصل على الجهاز، هوس الحصول على الإصدار الجديد لن تجد له مبرراً من أي شخص يقف في هذه الطوابير.
وهنا سألت أحدهم، هل هو أول جهاز «آيفون» تحصل عليه؟ والجواب، لا بل أنا من عشاق «الآيفون» وأحرص على مواكبة التطور والحصول على الإصدار الجديد، سؤال إضافي، ما هو الفرق بين الإصدار السابق والجديد بما أنك تهتم بأمور التطور؟ الجواب، سأكتشف بعد أن أفتح الجهاز!
واقعاً إن أغلب من يحرص على استبدال جهازه كل عام لا يعلم ما التحديث الذي ناله الجهاز، فقط المهم أن يكون بين يديه أحدث وأفضل جهاز، وأغلبهم أيضاً لا يستفيد من المميزات التي بين يديه. المشكلة هي أن «الآيفون» اليوم تحول من سلعة كمالية إلى جزء أساس من حياة الناس، نعم وجود جهاز ذكي ضرورة هذه الأيام بسبب التطور في عالم الاتصال والتواصل الحاصل ووجود كثير من الخدمات الحكومية والعامة في تطبيقات الأجهزة الذكية، إلا أن الحاجة الأساسية يمكن الحصول عليها من أي جهاز ذكي وليس بالضرورة جهاز يتجاوز سعره نصف الراتب، فحسب إحصاءات جديدة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي فإن متوسط رواتب البحرينيين هو 828 ديناراً، نعلم أن أغلبهم يعتمد على التقسيط، ولكنهم في نفس الوقت يدفعون مبلغاً ليس بالبسيط كدفعة أولى وقسط ليس بيسير أيضاً.
أي رب أسرة أو معيل يكون حديثهم وهمهم طوال العام توفير مستلزمات أسرتهم، ودائماً هناك أصوات تدعو الدولة لدعم الناس وقت الأعياد والمدارس في رمضان، فإذاً من هم هؤلاء الذين بمقدورهم استبدال جهاز «الآيفون» الخاص بهم كل عام؟
الناس والإعلام حولوا ظاهرة «الآيفون» الجديد إلى طقوس وجزء أساس من حياة الناس، حتى أصبح الناس يشعرون بالنقص والرجعية بسبب أنهم لا يملكون آخر إصدارات الآيفون، ماذا يعني أن تكون في اللحظات الأولى لإطلاق الجهاز ماذا يعني أن تتواجد في حدث إطلاق الجهاز الجديد! هل هذا أكبر همومنا ؟