من منطلق المثل الشعبي الأكثر تداولاً في غالبية المشاجرات «بخلي الذبان الأزرق ما يعرفلك طريق» هو مثل له أساس علمي، إذ يرتبط وجود الذباب الأزرق بجثث الموتى ولكن للأسف غالبية القائمين على تنفيذ القانون في الدول العربية يغيب عنهم ما يسمى بعلم الحشرات الجنائي أو الطبي الإجرامي علم من العلوم الحديثة القديمة الذي يمكن الاستفادة منه في التحقيقات الجنائية، حيث تستخدم الحشرات للكشف عن ملابسات القضايا الجنائية.
فهناك الكثير من أحياء البيئة التي تعد كنوزاً يمكن الاستفادة منها بجانب العلوم التقنية الحديثة والتكنولوجية المتطورة الجديدة لتساهم بشكل كبير في وضع الحلول لكثير من القضايا الجنائية الغامضة ومنها: قضية المخدرات المدمرة القاضية على الشباب وعماد المجتمع والتي انتشرت في كل مكان ومصادرها مجهولة وغامضة ومتعددة تعبر المعابر الجوية والبرية والبحرية حيث أصبح من الصعب تحديد مراكز تصديرها واستيرادها وورودها، لذا كان من السهل البحث والاستفادة من علم الحشرات الجنائية من خلال المعنيين والمتخصصين في هذا المجال للكشف عن مصادر التهريب بتحديد الدولة المصدرة من نوع الحشرات المتواجدة على المخدرات.
كما يمكن الاستفادة من علم الحشرات الجنائية في تحديد خط سير المركبة والمناطق التي سارت فيها عن طريق الحشرات أو أجزائها الملتصقة بالزجاج أو الراديتور وتشخيصها ومقارنتها بالتنوع والتوزيع الجغرافي للحشرات، كما يمكن الاستفادة أيضاً من علم الحشرات الجنائية في تحديد الجاني في جرائم القتل، وتحديد وقت الوفاة في قضايا العثور على جثة من خلال تحديد الفترة الزمنية التي انقضت على زمن الوفاة، إضافة إلى جرائم وأسباب الموت المفاجىء من خلال تحليل غذاء الحشرات حيث يوجد نفس السم في اليرقات المتغذية على الجثة.
بالرغم من مصداقية هذا العلم في البحث الجنائي الذي تم اكتشافه في الصين في العام 1235 حينما تم كشف غموض «قضية مقتل مزارع صيني بضربة منجل عميقة فطلب زعيم القرية من المزارعين إحضار مناجلهم ووضعها على الأرض وعدم عمل أي حركة وما هي إلا دقائق حتى تجمع الذباب على أحد هذه المناجل ليكشف عن القاتل بسبب آثار الدم واللجم التي تركت آثارها على المنجل المستخدم في الجريمة رغم تنظيفه من القاتل، فالذباب جذبته رائحة الدم حتى بعد غسل المنجل»، إلا أنه لم يتم تطبيقه على المستوى الرسمي ولم يتم إنشاء أي مختبر متخصص في علم الحشرات الجنائي في أي دولة من الدول العربية حتى الآن، فيما عدا دولة خليجية شكلت لجنة فنية للإشراف على مشروع تطبيق علم الحشرات الجنائي حيث قامت بوضع قاعدة بيانات الحشرات الجنائية الخاصة بالبيئات الكويتية المختلفة، وشاركت في العديد من المؤتمرات العربية والعالمية بعرض بوسترات وعروض مرئية للقضايا الجنائية الكويتية.
إن علم الحشرات الجنائي في تطور في الناحية العلمية، ولكن من الناحية التطبيقية لم يشغل هذا العلم مكانته بشكل كبير ويظل عالقاً رغم قوته إذ يحتاج إلى اهتمام والتفات ليدرج ويدمج مع العلوم التقنية والتكنولوجية الحديثة، لكونه يشكل أهمية لتحديد مسرح الجريمة في كثير من العوامل والعناصر.
اهتمام لتحقيق إنجاز
لتكن مملكة البحرين من أوائل المهتمين في هذا المجال الذي مازال الاهتمام به بسيطاً لكونه يفتقر إلى المعلومات المتعلقة بأنواع الحشرات حسب وجودها في المناطق الجغرافية المتعددة، إذ من الضروري أن يتم تحديد عالم حشرات يكون على دراية بالحشرات التي تعيش في المنطقة الجغرافية وتربط هذه المعلومات مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهل عملية الاستخدام وتكون هي القاعدة التي تبدأ بالتطبيق الفعلي لهذا العلم الذي صعب تطبيقه رغم إعجازه.
* باحثة وأكاديمية
{{ article.visit_count }}
فهناك الكثير من أحياء البيئة التي تعد كنوزاً يمكن الاستفادة منها بجانب العلوم التقنية الحديثة والتكنولوجية المتطورة الجديدة لتساهم بشكل كبير في وضع الحلول لكثير من القضايا الجنائية الغامضة ومنها: قضية المخدرات المدمرة القاضية على الشباب وعماد المجتمع والتي انتشرت في كل مكان ومصادرها مجهولة وغامضة ومتعددة تعبر المعابر الجوية والبرية والبحرية حيث أصبح من الصعب تحديد مراكز تصديرها واستيرادها وورودها، لذا كان من السهل البحث والاستفادة من علم الحشرات الجنائية من خلال المعنيين والمتخصصين في هذا المجال للكشف عن مصادر التهريب بتحديد الدولة المصدرة من نوع الحشرات المتواجدة على المخدرات.
كما يمكن الاستفادة من علم الحشرات الجنائية في تحديد خط سير المركبة والمناطق التي سارت فيها عن طريق الحشرات أو أجزائها الملتصقة بالزجاج أو الراديتور وتشخيصها ومقارنتها بالتنوع والتوزيع الجغرافي للحشرات، كما يمكن الاستفادة أيضاً من علم الحشرات الجنائية في تحديد الجاني في جرائم القتل، وتحديد وقت الوفاة في قضايا العثور على جثة من خلال تحديد الفترة الزمنية التي انقضت على زمن الوفاة، إضافة إلى جرائم وأسباب الموت المفاجىء من خلال تحليل غذاء الحشرات حيث يوجد نفس السم في اليرقات المتغذية على الجثة.
بالرغم من مصداقية هذا العلم في البحث الجنائي الذي تم اكتشافه في الصين في العام 1235 حينما تم كشف غموض «قضية مقتل مزارع صيني بضربة منجل عميقة فطلب زعيم القرية من المزارعين إحضار مناجلهم ووضعها على الأرض وعدم عمل أي حركة وما هي إلا دقائق حتى تجمع الذباب على أحد هذه المناجل ليكشف عن القاتل بسبب آثار الدم واللجم التي تركت آثارها على المنجل المستخدم في الجريمة رغم تنظيفه من القاتل، فالذباب جذبته رائحة الدم حتى بعد غسل المنجل»، إلا أنه لم يتم تطبيقه على المستوى الرسمي ولم يتم إنشاء أي مختبر متخصص في علم الحشرات الجنائي في أي دولة من الدول العربية حتى الآن، فيما عدا دولة خليجية شكلت لجنة فنية للإشراف على مشروع تطبيق علم الحشرات الجنائي حيث قامت بوضع قاعدة بيانات الحشرات الجنائية الخاصة بالبيئات الكويتية المختلفة، وشاركت في العديد من المؤتمرات العربية والعالمية بعرض بوسترات وعروض مرئية للقضايا الجنائية الكويتية.
إن علم الحشرات الجنائي في تطور في الناحية العلمية، ولكن من الناحية التطبيقية لم يشغل هذا العلم مكانته بشكل كبير ويظل عالقاً رغم قوته إذ يحتاج إلى اهتمام والتفات ليدرج ويدمج مع العلوم التقنية والتكنولوجية الحديثة، لكونه يشكل أهمية لتحديد مسرح الجريمة في كثير من العوامل والعناصر.
اهتمام لتحقيق إنجاز
لتكن مملكة البحرين من أوائل المهتمين في هذا المجال الذي مازال الاهتمام به بسيطاً لكونه يفتقر إلى المعلومات المتعلقة بأنواع الحشرات حسب وجودها في المناطق الجغرافية المتعددة، إذ من الضروري أن يتم تحديد عالم حشرات يكون على دراية بالحشرات التي تعيش في المنطقة الجغرافية وتربط هذه المعلومات مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهل عملية الاستخدام وتكون هي القاعدة التي تبدأ بالتطبيق الفعلي لهذا العلم الذي صعب تطبيقه رغم إعجازه.
* باحثة وأكاديمية