في سنة 1995 قُبِضَ على لصٍ أمريكي اسمه «ماك آرثر ويلر» وهو يحاول سرقة بنك في وضح النهار، وعندما حققت الشرطة معه وسُئِلَ عن سبب ارتكابه للجريمة بدون تنكر، غضب وبدأ بالصراخ مؤكداً لهم أنه كان متنكراً، فما كان من الشرطة إلا أن واجهته بمقاطع الفيديو التي وثقتها كاميرات المراقبة والتي أظهرته بدون قناع، فأجابهم بكل ثقة أنه صبغ وجهه بعصير الليمون لاعتقاده أنه يعمل عمل الحبر السري ولن ترصده الكاميرات.
ليس غريباً، أن تشاهد في كل المجتمعات أفراداً يتألقون في المشهد مع أنهم أقل ما يمكن وصفهم به هو تدني الذكاء بشدة، مع قدرات ضعيفة وخبرة منعدمة، ومع ذلك تجد منهم ثقةً بالنفس تلفت الأنظار، وشعوراً يفصحون عنه بقدرتهم على تحقيق وإنجاز أي أمر يوكل إليهم، فتعيد حساباتك مرات ومرات لتكتشف سبب هذا التألق والثقة، فلا تجد ما يشير إليها، بل على العكس تزداد قناعتك بانطباعك الأول عنهم، بينما في المقابل تجد عدداً غير قليل من الأذكياء وذوي المهارات المرتفعة، يشككون بأنفسهم وقدراتهم دوماً.
واقعة اللص ماك آرثر ألهمت عالمي النفس ديفيد دانينغ وجوستن كروجر لإطلاق النظرية النفسية الشهيرة بـ: (تأثير دانينغ وكروجر)، وخلاصتها أن الأفراد متدني الذكاء، عديمي الخبرة والكفاءة لديهم ثقة بقدراتهم الضعيفة إلى حد كبير، أما أصحاب الحال المغاير فهم يعانون أيضاً من متلازمة نفسية تعرف بـ: «متلازمة الاحتيال العقلي»، تحصل عندما يشك الإنسان بذكائه وقدرته ويخشى عدم تنفيذ ما يطلب منه أو ما يريد.
ظاهرة تألق متدني الذكاء مع الثقة الكبيرة، وشكوك الأذكياء، تؤثر سلباً على المجتمع، فهي التي تتسبب في تفاقم المشكلات، وبسببها يوضع الشخص في المكان غير المناسب فتظهر الأخطاء، وتتخذ القرارات غير الحكيمة، ويتم تجاهل الحقائق والتحديات، وفي المقابل يبعد الأذكياء أنفسهم عن الأماكن المناسبة لهم، وتقيد قدراتهم.
المشكلة الأكبر عندما يساند المصابون بتأثير دانينغ وكروجر، بعضهم البعض، وبدا ذلك بوضوح أكثر بعد انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، وتجرؤ كثير من متدني الذكاء على الحديث بالشؤون العامة بدون علم وخبرة ودراية مع ضعف كبير في الذكاء وثقة عالية، فظهر جمهور من الفئة نفسها يرفع من شأن هؤلاء ويقدمهم على أنهم مفكرون ويوجه إليهم الأسئلة، وينتظر رأيهم ليتزامن كل ذلك مع توجه بعض وسائل الإعلام للحديث معهم واستضافتهم وتقديمهم تحت عناوين مختلفة، فتزداد ثقتهم بأنفسهم، ويزداد الطين بلة.
في الواقع أصبحت هذه الحالة ظاهرة لا بد من التغلب عليها، ولا بد من تشجيع وتعزيز أصحاب القدرات والمهارات الحقيقية، فهو واجب المجتمع بأكمله.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
ليس غريباً، أن تشاهد في كل المجتمعات أفراداً يتألقون في المشهد مع أنهم أقل ما يمكن وصفهم به هو تدني الذكاء بشدة، مع قدرات ضعيفة وخبرة منعدمة، ومع ذلك تجد منهم ثقةً بالنفس تلفت الأنظار، وشعوراً يفصحون عنه بقدرتهم على تحقيق وإنجاز أي أمر يوكل إليهم، فتعيد حساباتك مرات ومرات لتكتشف سبب هذا التألق والثقة، فلا تجد ما يشير إليها، بل على العكس تزداد قناعتك بانطباعك الأول عنهم، بينما في المقابل تجد عدداً غير قليل من الأذكياء وذوي المهارات المرتفعة، يشككون بأنفسهم وقدراتهم دوماً.
واقعة اللص ماك آرثر ألهمت عالمي النفس ديفيد دانينغ وجوستن كروجر لإطلاق النظرية النفسية الشهيرة بـ: (تأثير دانينغ وكروجر)، وخلاصتها أن الأفراد متدني الذكاء، عديمي الخبرة والكفاءة لديهم ثقة بقدراتهم الضعيفة إلى حد كبير، أما أصحاب الحال المغاير فهم يعانون أيضاً من متلازمة نفسية تعرف بـ: «متلازمة الاحتيال العقلي»، تحصل عندما يشك الإنسان بذكائه وقدرته ويخشى عدم تنفيذ ما يطلب منه أو ما يريد.
ظاهرة تألق متدني الذكاء مع الثقة الكبيرة، وشكوك الأذكياء، تؤثر سلباً على المجتمع، فهي التي تتسبب في تفاقم المشكلات، وبسببها يوضع الشخص في المكان غير المناسب فتظهر الأخطاء، وتتخذ القرارات غير الحكيمة، ويتم تجاهل الحقائق والتحديات، وفي المقابل يبعد الأذكياء أنفسهم عن الأماكن المناسبة لهم، وتقيد قدراتهم.
المشكلة الأكبر عندما يساند المصابون بتأثير دانينغ وكروجر، بعضهم البعض، وبدا ذلك بوضوح أكثر بعد انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، وتجرؤ كثير من متدني الذكاء على الحديث بالشؤون العامة بدون علم وخبرة ودراية مع ضعف كبير في الذكاء وثقة عالية، فظهر جمهور من الفئة نفسها يرفع من شأن هؤلاء ويقدمهم على أنهم مفكرون ويوجه إليهم الأسئلة، وينتظر رأيهم ليتزامن كل ذلك مع توجه بعض وسائل الإعلام للحديث معهم واستضافتهم وتقديمهم تحت عناوين مختلفة، فتزداد ثقتهم بأنفسهم، ويزداد الطين بلة.
في الواقع أصبحت هذه الحالة ظاهرة لا بد من التغلب عليها، ولا بد من تشجيع وتعزيز أصحاب القدرات والمهارات الحقيقية، فهو واجب المجتمع بأكمله.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية