في عدة مقالات سابقة ناشدت الجهات المعنية في مملكتنا حماية المجتمع من أسوء تطبيق ظهر خلال السنوات الماضية ألا وهو تطبيق «تيك توك»، إلا أن لا حياة لمن تنادي، فلا جهة اهتمت ولا حتى أبدت أي ملاحظة يمكن من خلالها تبرير عدم أخذ أي خطوة حيال هذا التطبيق.
أغلب التطبيقات فيها الغث والسمين، ويتواجد فيها السيئ والجيد، ويسهل التحكم بما يمكن متابعته ومشاهدته، وأغلب التطبيقات تشدد على المحتوى وضرورة ملاءمته لكثير من الاعتبارات، فقط تطبيق «تيك توك» عكس كل ذلك، فهو التطبيق الوحيد الذي يتواجد فيها المحتوى السيئ بأضعاف مضاعفة عن المحتوى الجيد، يظهر لك أموراً لا ترغب في مشاهدتها، ليس لديه حدود للأمور المحرمة وغير المسموح بها، وحتى إن حددت المستوى العمري للمستخدم بأنه طفل أو مراهق لن تجد أي تغيير يذكر، فكل شيء يطرح في هذا التطبيق يعتبر «حرية».
وفي الفترة الأخيرة لاحظت كثيراً من الأطفال والمراهقين لديهم هوس تقليد ما يسمونه بـ«الترند»، حركات سخيفة وتافهة أو مظهر معيب أو كلمات بذيئة، كل هذه الأمور أصبحت مسلية لدى أبنائنا بسبب تقليدهم الأعمى لهذه الترندات، ومتابعتهم لبعض التوافه من الشواذ والمنحلين أخلاقياً من المشاهير من مختلف الجنسيات.
الأسبوع الماضي وأنا عند إحدى المدارس الإعدادية إذ أجد صبياً تافهاً يقوم بحركات رقص مخجلة وسط الشارع، وأدرك وأنا أشاهده بأنه تحد بينه وبين أصحابه بأن يؤدي هذه الحركة أمام فتيات المدرسة الإعدادية! من أين جاءتهم مثل هذه الجرأة والأفكار وكيف اعتبروا مثل هذه الأفعال أمراً عادياً ومقبولاً! وأنا أذكر هذا الأمر لأحد زملائي قال لي بأن هذه حركة منتشرة بين المراهقين والأطفال جاءتهم من «تيك توك»، فهذا التطبيق كل يوم يشهد حركات وترندات جديدة وللأسف أكثر من يتأثر بها هم الأطفال والمراهقون.
اليوم هي مسؤولية كبيرة من قبل أولياء الأمور في الضبط والحفاظ على أبنائهم من هذه التطبيقات التافهة، فانسلاخ الأخلاق والتأثر بأخلاق الغرب وأطباعهم مرض سريع العدوى للأطفال وخاصة المراهقين، والضرر إن وقع يصعب إصلاحه، سنوات من التربية ما بين البيت والمدارس والمساجد تحتاج لدقائق من بعض المشاهد لتهدمها هذه التطبيقات.
أتمنى وأرجو من الآباء والأمهات عدم التساهل والتهاون فيما يشاهده أبناؤكم، وعدم السماح لهم بدخول عالم ليس لهم، ولا أقصد فقط «تيك توك» بل أغلب التطبيقات، فليس هناك اليوم أية وسيلة كي تحمي أبناءكم والمجتمع من هذه التطبيقات ومحتواها التافه، ضاربين بعرض الحائط بأننا دولة مسلمة عربية لديها قيم تربينا عليها، المسؤولية الآن هي مسؤوليتكم وعلى عاتقكم، اللهم احفظ أبناءنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.