تحت شعار «مقاصد الشريعة.. الإطار الناظم للاقتصاد الإسلامي» انطلقت ندوة البركة «44» لهذا العام 1445هـ - 2024م في المدينة المنورة على مدى يومين متتاليين، وقد طرحت الندوة للمناقشة العديد من المحاور والقضايا ذات الصلة، بحضور كوكبة من علماء الشريعة والمتخصصين وأصحاب الخبرة من أنحاء العالم، ومما يلفت انتباه المشارك في مثل هذه الندوات التي يغلب عليها الجانب النظري، هو عرض تجربة عملية لكيفية تحقيق مقاصد الشريعة عبر أعمال وأنشطة المؤسسات المالية الإسلامية. وقبل الخوض في تفاصيل هذه التجربة المميزة فلا بد من أن نعرج على معنى مقاصد الشريعة في الاقتصاد الإسلامي، وهو ما عرّفه الدكتور محمد النوري بأنها «الغايات العلمية «النظرية» والعملية «التطبيقية» للاقتصاد الإسلامي المستفادة من الشريعة الإسلامية».
وهذه التجربة تتلخص في الورقة التوجيهية التي طرحها مصرف ماليزيا المركزي بعنوان «الوساطة ذات القيمة Value-based Intermediation»، «وهذه الوساطة تهدف إلى تحقيق الغايات العليا من الشريعة «مقاصد الشريعة»، وذلك من خلال الأعمال والأنشطة التي تولِّد أثراً إيجابياً ومستداماً على الاقتصاد والمجتمع والبيئة، بما يتوافق مع العوائد المستدامة للمساهمين ومصالحهم طويلة المدى». وبعد طرح هذه الورقة قام المصرف المركزي بإصدار عدد من الأوراق الأخرى لتسهيل سبيل تنفيذ الوساطة وجعلها قابلة للقياس والمتابعة.
وبينت الورقة أن هذا المفهوم الجديد يعود بالفائدة على العديد من الأطراف وعلى مختلف المستويات، فعلى صعيد الصناعة المالية فإن تطبيق هذه الوساطة يزيد من الابتكار في المنتجات والخدمات بحيث يكون لها أثر أكبر على السوق الحالي. كما تدفع «عقليةُ إيجاد الأثر الإيجابي» المؤسساتِ المالية الإسلامية إلى التركيز على المجالات ذات التأثير العالي مثل: مجالات نمو جديدة، والقطاعات التي لم يستفد منها بشكل جيد. وأيضاً يُحسّنُ تطبيقُ الوساطة كفاءةَ الممارسات المصرفية الحالية.
كما أن اعتماد تقنيات -مثل تمويل سلسلة التوريد- ستمكن اللاعبين في الصناعة من إدارة المخاطر الناشئة عن خدمة القطاعات ذات التأثير العالي. وبالإضافة إلى ما سبق، فإن الوساطة ستعزز التعاون بين الشركاء الاستراتيجيين وبين أصحاب المصلحة «خارج المجتمع المالي» للاستفادة من المهارات والبنية التحتية التي تعتبر بالغة الأهمية، ولكنها ليست في حوزة المؤسسات المالية الإسلامية.
أما على الصعيد الحكومي فتطبيقها سيعيد التوازن بين التركيز على الأعمال التجارية وبين تحقيق الأجندة الوطنية. كما ستعزز من الاستقرار المالي بالنسبة للجهات الرقابية. أما من ناحية المجتمع فإنها تسهم في تحسين المستوى المعيشي والتعامل العادل بين أفراده. فهذه الوساطة يمكن اختصارها معناها في تحقيق الأثر الإيجابي المستدام الذي تريد الشريعة الإسلامية إيجاده على مستوى الفرد والمجتمع والبيئة المحيطة في مجال الاقتصاد الإسلامي.
وقد حازت مملكة البحرين قصب السبق في مجال المالية الإسلامية على مستوى العالم، حيث إنها تملك بنية تحتية صلبة، وبيئة عمل خصبة، وتشريعات وقوانين محفزة، تمكّنها من مواكبة نمو المصرفية الإسلامية، كل ذلك يحث الخطى نحو إيجاد «مؤشر مقاصد الشريعة» الذي سيدفع بالمؤسسات المالية الإسلامية نحو رفع مستوى أعمالها وأنشطتها بحيث تكون ذات مردود إيجابي مستدام على البلد وعلى المستثمر من منظور مقاصدي شرعي، وتكون بذلك مملكة البحرين رائدة في طرح مثل هذا المؤشر المتقدِّم في الشرق الأوسط.
* مدير - مدقق شرعي بمجموعة البركة
{{ article.visit_count }}
وهذه التجربة تتلخص في الورقة التوجيهية التي طرحها مصرف ماليزيا المركزي بعنوان «الوساطة ذات القيمة Value-based Intermediation»، «وهذه الوساطة تهدف إلى تحقيق الغايات العليا من الشريعة «مقاصد الشريعة»، وذلك من خلال الأعمال والأنشطة التي تولِّد أثراً إيجابياً ومستداماً على الاقتصاد والمجتمع والبيئة، بما يتوافق مع العوائد المستدامة للمساهمين ومصالحهم طويلة المدى». وبعد طرح هذه الورقة قام المصرف المركزي بإصدار عدد من الأوراق الأخرى لتسهيل سبيل تنفيذ الوساطة وجعلها قابلة للقياس والمتابعة.
وبينت الورقة أن هذا المفهوم الجديد يعود بالفائدة على العديد من الأطراف وعلى مختلف المستويات، فعلى صعيد الصناعة المالية فإن تطبيق هذه الوساطة يزيد من الابتكار في المنتجات والخدمات بحيث يكون لها أثر أكبر على السوق الحالي. كما تدفع «عقليةُ إيجاد الأثر الإيجابي» المؤسساتِ المالية الإسلامية إلى التركيز على المجالات ذات التأثير العالي مثل: مجالات نمو جديدة، والقطاعات التي لم يستفد منها بشكل جيد. وأيضاً يُحسّنُ تطبيقُ الوساطة كفاءةَ الممارسات المصرفية الحالية.
كما أن اعتماد تقنيات -مثل تمويل سلسلة التوريد- ستمكن اللاعبين في الصناعة من إدارة المخاطر الناشئة عن خدمة القطاعات ذات التأثير العالي. وبالإضافة إلى ما سبق، فإن الوساطة ستعزز التعاون بين الشركاء الاستراتيجيين وبين أصحاب المصلحة «خارج المجتمع المالي» للاستفادة من المهارات والبنية التحتية التي تعتبر بالغة الأهمية، ولكنها ليست في حوزة المؤسسات المالية الإسلامية.
أما على الصعيد الحكومي فتطبيقها سيعيد التوازن بين التركيز على الأعمال التجارية وبين تحقيق الأجندة الوطنية. كما ستعزز من الاستقرار المالي بالنسبة للجهات الرقابية. أما من ناحية المجتمع فإنها تسهم في تحسين المستوى المعيشي والتعامل العادل بين أفراده. فهذه الوساطة يمكن اختصارها معناها في تحقيق الأثر الإيجابي المستدام الذي تريد الشريعة الإسلامية إيجاده على مستوى الفرد والمجتمع والبيئة المحيطة في مجال الاقتصاد الإسلامي.
وقد حازت مملكة البحرين قصب السبق في مجال المالية الإسلامية على مستوى العالم، حيث إنها تملك بنية تحتية صلبة، وبيئة عمل خصبة، وتشريعات وقوانين محفزة، تمكّنها من مواكبة نمو المصرفية الإسلامية، كل ذلك يحث الخطى نحو إيجاد «مؤشر مقاصد الشريعة» الذي سيدفع بالمؤسسات المالية الإسلامية نحو رفع مستوى أعمالها وأنشطتها بحيث تكون ذات مردود إيجابي مستدام على البلد وعلى المستثمر من منظور مقاصدي شرعي، وتكون بذلك مملكة البحرين رائدة في طرح مثل هذا المؤشر المتقدِّم في الشرق الأوسط.
* مدير - مدقق شرعي بمجموعة البركة