تتمتع البحرين بتاريخ حافل من الإنجازات والمواقف المتميزة في كافة مجالات الحياة بما يعكس تفاعل البحرين الحضاري ودورها الإيجابي على المستويات الإقليمية والعربية والدولية.
من بين اللحظات التاريخية البارزة، يُعد فتح البحرين عام 1783 على يد الشيخ أحمد الفاتح نقطة تحول محورية، حيث أسس دولة البحرين الوطنية الحديثة، ومهّد لظهور مؤسسات الدولة وبدء مسيرة النهضة والتنمية، ممّا أدى إلى تنظيم الشؤون الإدارية وتحقيق تطور ملموس. وفي عام 1971، وُقعت معاهدة الصداقة والتعاون مع بريطانيا، مما سمح للبحرين بالانضمام إلى منظمات إقليمية ودولية، مثل الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة دول مجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون الإسلامي. هذه الخطوات كانت لها آثار إيجابية على تطور مؤسسات الدولة، ممّا أرسى أسساً جديدة للنمو والتنمية.
ومع تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الحكم في 1999، شهدت البحرين تحولاً كبيراً حيث أطلق جلالته رؤية إصلاحية شاملة، وأعلن ميثاق العمل الوطني، مما أدى إلى تحول البحرين إلى مملكة دستورية. هذه المرحلة التاريخية كانت علامة فارقة في مسيرة البحرين نحو الديمقراطية ومسيرة التنمية في البلاد.
في سياق الاحتفاء باليوم الوطني البحريني وذكرى جلوس جلالة الملك المعظم وذكرى يوم الشهيد البحريني، تُعد هذه الأيام تجسيداً للهوية الوطنية البحرينية واعترافاً بجهود الأجداد في بناء الدولة وترسيخ الوحدة الوطنية. تعزز هذه المناسبات الشعور بالانتماء بين أبناء البحرين، وتبرز عهد الإنجاز والتطوير، مع التأكيد على البذل والتضحية لحماية المنجزات واستمرار العطاء نحو مستقبل مشرق.
على الصعيد الثقافي، تساهم البحرين في تعزيز الهوية التاريخية من خلال تنظيم مهرجانات ثقافية وفنية، مثل "ليالي المحرق" و"القرية التراثية"، و"ريترو المنامة" التي تعكس ثراء التراث البحريني وتفتح آفاق الحوار الثقافي بين الشعوب. هذه الفعاليات تُعزز مكانة البحرين كمركز ثقافي في المنطقة، وتساعد على بناء جسور من التواصل بين الحضارات.
في المجال الاقتصادي، تسعى البحرين إلى تحقيق تنمية مستدامة عبر رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تهدف إلى تحويل البحرين إلى مركز مالي وتجاري متقدم. إن الاستثمارات التي تُضخ في البنية التحتية والمشاريع التنموية تعكس التزام الدولة بتحقيق الرفاهية لشعبها وتعزيز موقعها كمركز اقتصادي إقليمي.
تزامناً مع احتفالات البحرين بمناسبة يومها الوطني، يتجدّد العهد بين الشعب والقيادة، حيث تتجلّى مظاهر الولاء والانتماء في الاحتفالات الوطنية التي تملأ الوطن. تمثل هذه اللحظات فرصة لتجديد الالتزام بالعمل من أجل مستقبل أفضل، ولإبراز ما حققته البحرين من إنجازات وما تسعى لتحقيقه من تطلعات. ختاماً، تظل البحرين رمزاً للعروبة والمواقف المشرّفة، ويجب علينا الاستمرار في تعزيز قيم الوحدة والتضامن، والحفاظ على المكتسبات التي تحققت عبر السنين. إن البحرين ليست مجرد وطن، بل هي قصة تاريخية غنية بالإنجازات والمواقف التي تضيء دروب المستقبل.
* باحث في التاريخ وأكاديمي