العبرة بالنتائج.. هكذا يختصر العرب بتفاؤل عبر تاريخهم مسار التحديات والأحداث الجسام والمخاضات العصيبة وصولاً إلى النهايات المرضية، فميلنا للاختصار وتركِ المِراء والجدال جزءٌ من تكويننا النفسي وعقيدتنا الدينية.الحديث عن فرص نجاح «قمة البحرين» كان سابقاً لانعقادها، وبين متفائل ومتشائم كانت الظروف العربية والعالمية التي تعقد فيها القمة تمثل ركيزة الحكم، فالمتشائمون لا يرون قبساً في ظلمة الليل، وإن دعاهم رب موسى للوادي.اما المتفائلون فيرون أن تحقيق أي اختراق في أزمات المنطقة على كثرتها أمر حتمي، إذ من غير المعقول رغم هذه الظروف ألا تحقق القمة شيئاً! ناهيك عما اعتادت أن تقدمه البحرين من مبادرات نوعية وأفكار في مثل هذه المحافل، وهو ما تحقق من خلال المبادرات التي أطلقها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وهي: الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إلى جانب دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، ومبادرة تهتم بتطوير التعاون العربي في مجال التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي.ثم إن الانتصار لإنسانيتنا كما قال جلالته يحتم علينا العمل على إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط لما لهذا العمل من دور كبير في استتباب أسباب السلام والأمن لكافة شعوب المنطقة والعالم، فمن لم تكن الحرب خياره فلا بد أن يكون السلام قراره. وفي هذا إغلاق لباب المزايدة على خياري السلم والحرب، فلم تخلُ كلمات القادة وممثلي الدول والمنظمات من تقديم مسار السلام بديلاً آمناً ينتصر لإنسانيتنا ورغبتنا في العيش الهانئ المستقر، ولتنعم منطقتنا بالرخاء والاستقرار كان لا بد على قمة البحرين أن تفرز موقفاً عربياً موحداً، وقد كان-وفق تقديري- واضحاً في كلمات أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية، مثلما كان واضحاً في إعلان البحرين.لا يختلف عربيان على مستوى خطورة ما وصلت إليه الأوضاع في فلسطين المحتلة، مع ما أضافته الحرب على قطاع غزة من ويلات ومعاناة لم يشهد لها العالم مثيلاً، إلا أن كثيرين يرون أنه ليس من مصلحة العرب اختصار قضاياهم والتحديات التي تحيط بهم في قضية واحدة منفردة، إذ لا بد من شَجاعة المواجهة والحديثِ الصريح عن القضايا الحساسة الأخرى، من الصحراء المغربية غرباً، وصولاً إلى جزر الإمارات العربية المتحدة شرقاً، والتي يختلط فيها السياسي بالأمني والتنموي بالاجتماعي والاقتصادي.