من الجميل حقاً أن نتمكن من تشكيل ثقافة تقبلنا للحياة بهذه الطريقة.. أن نتغلب على كوننا بشر.. نحب الإطراء ونميل إلى الثناء .. إما لمعروفٍ صنعناه أو لخيرٍ قدمناه – وكلاهما عند الله إحساناً – لكن كيف يصل الإنسان إلى هذه المرحلة؟ كيف يكبر؟ وبماذا؟
الإنسان يكبر بالتجارب.. يكبر بالمعرفة.. بالعلاقات.. ومنها يكسب الحصانة والثقة، وهذا كفيل بإبقائه ثابتاً لا يهتز.. فلا يضره نكران، ولا ينفعه شكران.
أما مهمة الإنسان الدائمة في الحياة فهي إرادة الخير وبذل الوسع في سبيله.. ودون ذلك لا يَهُم.. فإعراض الناس عن الثناء سيكون إما عجزاً أو لؤماً.. «وقليل من عباديّ الشكور» في حق ربهم فكيف بحق الخلق؟!
ولو اكتفى الإنسان بـ«إن الله لا يضيع أجر المحسنين»، لأتاه الجزاء من حيث لا يعلم، فلن يُعدم الخير من رب الخير (وهذا العُرف) وكما قال الحطيئة: «مَنْ يفعَلِ الخيرَ لا يعدَم جوازيَهُ.. لا يذهبُ العُرفُ بينَ الله والناسِ».
ثم إن الحياة قضت أن يعود الخير لصاحبه ولو بعد حين، حتى تلك السعادة التي تزرعها في قلب أحدهم .. سيسخر الله من يغرس أضعافها في روحك وبأشد لحظات انكسارك.. وما الحياة إلا دينٌ تقضيه .. وكل شيء عائد عليك صنيعه.
انشد الخير ولا تنتظر رد الجميل.. عليك بالبذل.. ويكفيك شعورك بأنك تقدم قيمة، وتعظّم شيمة.. وإن قلّ المادحون.. وكثر الناكرون.. وأدبر العارفون.. فهؤلاء مجتمعون يعيدون لنا التوازن في الحياة.. حتى لا يغرينا الإطراء.. فنسقط في وحل الرياء!
وأخيراً..
الإنسان مرهون بالتعود.. في كل صفة حسنة تستطيع التطّبع بها حال تكرارها.