يعتبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مدرسة في الإدارة المتحركة والفاعلة، حيث يعطي لمتابعيه كل يوم فكرة أو مقولة أو ملخصاً لما أنجزه في يومه، وحسابه في موقع X «تويتر سابقاً» يعتبر سجلاً لما يقول ويفعل.ومن بين المقولات النموذجية له أن «الوظيفة الحكومية ليست فقط باباً للرزق، إنما قبل ذلك باباً للإنتاج، ودوائر الحكومة ليست مكاتب للروتين والتواكل والتكاسل، بل ميادين للإبداع»، وفي تلك العبارات الكثير من المعاني والعبر والمفاهيم التي لا يطبقها أصحاب المقاعد والمكاتب المغلقة، فلا أذكر آخر مرة رأيت فيها مسؤولاً يلتقي بالمواطنين أو ينزل للشارع لكي يراه الناس ويتذكروه ويتعرفوا عليه بدون الصور ومقاطع الفيديو.وفي مقولة أخرى لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد «نحن كقادة مهمتنا هي تحقيق الصالح العام وإسعاد الناس، ولا يمكن إنجاز هذه المهمة من دون مشاركة الناس، لذلك نعطي الأولوية للتنمية البشرية، وهي محور رئيسي في رؤيتنا»، وفيها دروس مؤصلة في علم الإدارة، وقد وصف ممارسته الشخصية لهذا العلم بأنه «الإدارة بالمشي» وأن تكون متواجداً في مواقع العمل وتتحرك بين العاملين وتنفذ أعمالك وأنت بينهم لا في المكتب.مازالت العديد من الإدارات اليوم تعاني من الحواجز التي توضع بين المسؤولين والعملاء أو حتى الموظفين، ولا يمكن تجاوز تلك الحواجز إلا بأساليب وطرق لا يعرفها معظم الناس.اليوم نرى مناشدات المواطنين للقيادة في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي قد ارتفعت وانتشرت، وهي مؤشر واضح وصريح لمدى الفجوة الواسعة بين المواطن والمسؤول المباشر، فما كان للمواطن أن يطلب المدد من أعلى رأس في السلطة، إلا بعد أن يئس من الذين في قاعدة ومنتصف الهرم الإداري.والمشكلة أن ما تنشره الصحافة ووسائل التواصل يعود إلى هؤلاء المسؤولين من باب آخر، حيث تجبرهم تلك المنشورات على الاستجابة بعد نشر المناشدة لدرء الحرج عن أنفسهم، فلماذا ابتعدتم عن الناس وتركتموهم يتوسلون في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بينما كانوا يقفون على بعد أمتار من أبوابكم؟وأعود لكلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حيث كتب بتصرف «الإدارة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس؛ لذلك فإن مقياس نجاح الإدارة هو رضا المتعاملين معها»، ولا تقولوا لي أن كل جهة قد وضعت مقياساً لرضا العملاء في مواقعها، لأن تلك المقاييس والمؤشرات لا تعبر عن الواقع الحقيقي.نعم أعلم أن مجلس الوزراء الموقر يراقب ويقيس مدى رضا المواطنين بمؤشراته الحيادية، إلا أننا نحتاج لمؤشر المواطن المباشر في مكان الخدمة بفتح الأبواب التي أغلقتها البيروقراطية، ونحتاج لمبدأ الإدارة بالمشي، فلو وصل المواطن إلى مكتب المسؤول فهذا يعني وجود خلل، وإن وجد الباب مغلقاً فالخلل أكبر.* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية