مستقبل الإعلام موضوع معقد بين مطرقة الذكاء الاصطناعي وسندان الحرية الصحفية والممارسات المهنية العالية، فهناك العديد من الدراسات والأبحاث تفيد بأن الذكاء الاصطناعي بات يغزو غرف الأخبار، ويسهم في رسم ملامح مستقبل الصحافة والإعلام، بصفته واقعاً لابد من التعامل معه والاستثمار في آليات تطبيقه من تقنيات وكوادر بشرية، في ظل انتشار استخداماته في عدة أقسام في الغرف الإخبارية.
يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان الصحافة التقليدية بالكامل، ولكن سيكون له تأثير عميق على مسؤوليات وعمليات الصحفيين والمذيعين، فهناك دراسة بحثية نشرها أحد مراكز البحوث العلمية تفيد بعدم موافقة الأشخاص على حل الذكاء الاصطناعي محل البشر في الغرف الإخبارية، كما وأبدى نحو 80% عدم اقتناعهم حول التزام الذكاء الاصطناعي بأخلاقيات المهنة، وأيضا تظهر توقعات دراسة من جامعة جورج تاون بأن عدد الوظائف الصحفية سينخفض بنسبة أكثر من الثلث بحلول 2031.
الواقع اليوم يفرض أهمية النظر بعمق في كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الممارسة الصحفية وكيف يمكن أن يغير الاتجاهات الحالية في الإعلام، مع التأكيد على أهمية الحرية الصحفية بصفتها قيمة أساسية يجب الحفاظ عليها، حتى في ظل التقدم التكنولوجي السريع، كما إن الواقع يبين أيضاً الإجماع على الصحافة الشاملة التي تعتبر أفقاً للصحافة المبتكرة، حيث تتزاوج فيها المعايير الصحفية بحتمية التكنولوجيا، مع الأخذ بالاعتبار وجود تراجع في الثقة وهو ما يتطلب الكثير من البحث العلمي من قبل العاملين والمختصين بتداعيات هذه المسألة، وربطها بالممارسات الصحفية والأخلاقيات المهنية وتغير سلوك الجمهور.
معهد رويترز لدراسة الصحافة نشر تنبؤات حول اتجاهات الصحافة، وفي تقرير لعام 2024 استطلع آراء 300من قادة الأخبار من 50 دولة للوصول إلى الاتجاهات التي يجب أن ينتبه إليها الناشرون والعاملون بالصناعة، هذا ويشير الخبراء إلى توقع بحلول عام 2050 أن هناك حوالي 50 مليار جهاز رقمي يجمع البيانات من حوالي خمسة مليارات مستخدم.
وبرأيي أن التطورات التكنولوجية لها تأثير مزدوج على جودة الأخبار ومستقبل الصحافة، فمن ناحية، يمكن أن تُسهم في تحسين الجودة من خلال توفير أدوات تحليلية أكثر تقدماً، وتمكين الصحفيين من جمع المعلومات بسرعة أكبر وبدقة أعلى. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحرير الأخبار وتخصيص المحتوى للقراء بناءً على اهتماماتهم، ولكن من ناحية أخرى، قد تُشكل التطورات التكنولوجية خطراً على مستقبل الصحافة إذا لم يتم استخدامها بمسؤولية ووعي ، فالأخبار الزائفة والمعلومات المضللة يمكن أن تنتشر بسرعة عبر الإنترنت، وقد تؤدي الأتمتة إلى تقليل الحاجة إلى الصحفيين البشريين، مما يؤثر على العمق التحليلي والتقصي الصحفي وفرادة المادة والحس الإبداعي والاجتهاد في المهنة.
إذاً التوازن هو المفتاح؛ وهذا ما طرحه السيد جون بو ملحه، رئيس اتحاد الصحفيين الدولي، في حديث خاطف خلال حفل جائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة في دورتها الثامنة التي تجمع الصحفيين وتحفزهم على الإبداع في ظل منافسة متجددة كل عام، إذ قال: «ثمة مرحلة جديدة تتشكل في العالم كله»، وعبر عن إعجابه بتوجه المسؤولين والصحفيين في البحرين لمواكبة المسار العالمي في التطوير والتحديث.
وعوداً على بدء، ففي الصحافة، يُساعد الذكاء الاصطناعي الصحفيين في المهام الروتينية وجمع البيانات، ويمكن أن يُسهم في تطوير طرق رواية القصص الإخبارية كما يمكن أن يُعزز الإنتاجية ويُساعد في عملية إنتاج الأفكار، فبشكل عام، فالذكاء الاصطناعي لا يُغطي على المهن بل يُعززها ويُساعد المحترفين فيها على تحسين أدائهم وكفاءتهم. ومع ذلك، يُمكن أن يُغير الطريقة التي يتم بها العمل في المهن، وقد يُقلل من الحاجة إلى بعض المهام اليدوية أو الروتينية، وكدليل على سيطرة الذكاء الاصطناعي يُتوقع أن يُنتج الغالبية العظمى من محتوى الإنترنت بحلول عام 2026، مما يُشير إلى ضرورة إعادة التفكير في أدوار الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
أستذكر مقولة إحدى المتخصصات في منتدى البحرين الدولي للحكومة الإلكترونية عام 2023 ومعرض كومكس، إذ قالت «المستقبل جيد بشكل مخيف»، حيث تم طرح أن خارطة الأعمال ستتغير خلال ثلاث سنوات وسيتم رسم عالم جديد بإمكانات مختلفة وباستخدام أدوات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وبإمكانات تقنية مذهلة.. إذ يقدر 80% حجم التغيير القادم على خارطة الأعمال والوظائف المستقبلية بحسب خبراء اقتصاديين، فالأرقام العالمية تبين أنه بحلول عام 2025 سيتم التعامل مع أكثر من 85% من تفاعلات العملاء دون وجود للإنسان، وتوقعوا ما يصل إلى 800 مليون وظيفة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
على الجانب الآخر ثمة مخاطر يتوجب بحثها وعدم إغفالها منها تحيز الذكاء الاصطناعي، فقد تعكس الخوارزميات التحيزات الموجودة في البيانات التي تم تدريبها عليها، مما يؤدي إلى تحيز في المحتوى الإعلامي، والخصوصية التي قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى انتهاكها، إذا ما تم جمع وتحليل بيانات الأفراد بطرق غير أخلاقية، والقدرة على التزييف العميق إذ يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج محتوى مزيف بشكل مقنع، مما يشكل خطراً على مصداقية الأخبار، والملكية الفكرية أيضاً فقد تنشأ تحديات حول من يملك المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن حماية الحقوق الفكرية، مع خسارة الوظائف، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الصحفيين في بعض المهام –كما هو الحال في الوظائف الأخرى–.
بنظرة فاحصة الحاجة اليوم تتجه في العموم إلى أهمية إعادة الثقة مع الجمهور، وتقديم المواد الجيدة والنوعية، وقد تجدر الإشارة إلى نتيجة دراسة تحليلية للإعلام التربوي أجريت بين 2016 و2021 كشفت بأن هناك زيادة في الاهتمام بالإعلام التربوي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وهو ما يجب الحفاظ عليه وتعزيزه في المجتمعات العربية من منطلق ديني وثقافي.
يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان الصحافة التقليدية بالكامل، ولكن سيكون له تأثير عميق على مسؤوليات وعمليات الصحفيين والمذيعين، فهناك دراسة بحثية نشرها أحد مراكز البحوث العلمية تفيد بعدم موافقة الأشخاص على حل الذكاء الاصطناعي محل البشر في الغرف الإخبارية، كما وأبدى نحو 80% عدم اقتناعهم حول التزام الذكاء الاصطناعي بأخلاقيات المهنة، وأيضا تظهر توقعات دراسة من جامعة جورج تاون بأن عدد الوظائف الصحفية سينخفض بنسبة أكثر من الثلث بحلول 2031.
الواقع اليوم يفرض أهمية النظر بعمق في كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الممارسة الصحفية وكيف يمكن أن يغير الاتجاهات الحالية في الإعلام، مع التأكيد على أهمية الحرية الصحفية بصفتها قيمة أساسية يجب الحفاظ عليها، حتى في ظل التقدم التكنولوجي السريع، كما إن الواقع يبين أيضاً الإجماع على الصحافة الشاملة التي تعتبر أفقاً للصحافة المبتكرة، حيث تتزاوج فيها المعايير الصحفية بحتمية التكنولوجيا، مع الأخذ بالاعتبار وجود تراجع في الثقة وهو ما يتطلب الكثير من البحث العلمي من قبل العاملين والمختصين بتداعيات هذه المسألة، وربطها بالممارسات الصحفية والأخلاقيات المهنية وتغير سلوك الجمهور.
معهد رويترز لدراسة الصحافة نشر تنبؤات حول اتجاهات الصحافة، وفي تقرير لعام 2024 استطلع آراء 300من قادة الأخبار من 50 دولة للوصول إلى الاتجاهات التي يجب أن ينتبه إليها الناشرون والعاملون بالصناعة، هذا ويشير الخبراء إلى توقع بحلول عام 2050 أن هناك حوالي 50 مليار جهاز رقمي يجمع البيانات من حوالي خمسة مليارات مستخدم.
وبرأيي أن التطورات التكنولوجية لها تأثير مزدوج على جودة الأخبار ومستقبل الصحافة، فمن ناحية، يمكن أن تُسهم في تحسين الجودة من خلال توفير أدوات تحليلية أكثر تقدماً، وتمكين الصحفيين من جمع المعلومات بسرعة أكبر وبدقة أعلى. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحرير الأخبار وتخصيص المحتوى للقراء بناءً على اهتماماتهم، ولكن من ناحية أخرى، قد تُشكل التطورات التكنولوجية خطراً على مستقبل الصحافة إذا لم يتم استخدامها بمسؤولية ووعي ، فالأخبار الزائفة والمعلومات المضللة يمكن أن تنتشر بسرعة عبر الإنترنت، وقد تؤدي الأتمتة إلى تقليل الحاجة إلى الصحفيين البشريين، مما يؤثر على العمق التحليلي والتقصي الصحفي وفرادة المادة والحس الإبداعي والاجتهاد في المهنة.
إذاً التوازن هو المفتاح؛ وهذا ما طرحه السيد جون بو ملحه، رئيس اتحاد الصحفيين الدولي، في حديث خاطف خلال حفل جائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة في دورتها الثامنة التي تجمع الصحفيين وتحفزهم على الإبداع في ظل منافسة متجددة كل عام، إذ قال: «ثمة مرحلة جديدة تتشكل في العالم كله»، وعبر عن إعجابه بتوجه المسؤولين والصحفيين في البحرين لمواكبة المسار العالمي في التطوير والتحديث.
وعوداً على بدء، ففي الصحافة، يُساعد الذكاء الاصطناعي الصحفيين في المهام الروتينية وجمع البيانات، ويمكن أن يُسهم في تطوير طرق رواية القصص الإخبارية كما يمكن أن يُعزز الإنتاجية ويُساعد في عملية إنتاج الأفكار، فبشكل عام، فالذكاء الاصطناعي لا يُغطي على المهن بل يُعززها ويُساعد المحترفين فيها على تحسين أدائهم وكفاءتهم. ومع ذلك، يُمكن أن يُغير الطريقة التي يتم بها العمل في المهن، وقد يُقلل من الحاجة إلى بعض المهام اليدوية أو الروتينية، وكدليل على سيطرة الذكاء الاصطناعي يُتوقع أن يُنتج الغالبية العظمى من محتوى الإنترنت بحلول عام 2026، مما يُشير إلى ضرورة إعادة التفكير في أدوار الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
أستذكر مقولة إحدى المتخصصات في منتدى البحرين الدولي للحكومة الإلكترونية عام 2023 ومعرض كومكس، إذ قالت «المستقبل جيد بشكل مخيف»، حيث تم طرح أن خارطة الأعمال ستتغير خلال ثلاث سنوات وسيتم رسم عالم جديد بإمكانات مختلفة وباستخدام أدوات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وبإمكانات تقنية مذهلة.. إذ يقدر 80% حجم التغيير القادم على خارطة الأعمال والوظائف المستقبلية بحسب خبراء اقتصاديين، فالأرقام العالمية تبين أنه بحلول عام 2025 سيتم التعامل مع أكثر من 85% من تفاعلات العملاء دون وجود للإنسان، وتوقعوا ما يصل إلى 800 مليون وظيفة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
على الجانب الآخر ثمة مخاطر يتوجب بحثها وعدم إغفالها منها تحيز الذكاء الاصطناعي، فقد تعكس الخوارزميات التحيزات الموجودة في البيانات التي تم تدريبها عليها، مما يؤدي إلى تحيز في المحتوى الإعلامي، والخصوصية التي قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى انتهاكها، إذا ما تم جمع وتحليل بيانات الأفراد بطرق غير أخلاقية، والقدرة على التزييف العميق إذ يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج محتوى مزيف بشكل مقنع، مما يشكل خطراً على مصداقية الأخبار، والملكية الفكرية أيضاً فقد تنشأ تحديات حول من يملك المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن حماية الحقوق الفكرية، مع خسارة الوظائف، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الصحفيين في بعض المهام –كما هو الحال في الوظائف الأخرى–.
بنظرة فاحصة الحاجة اليوم تتجه في العموم إلى أهمية إعادة الثقة مع الجمهور، وتقديم المواد الجيدة والنوعية، وقد تجدر الإشارة إلى نتيجة دراسة تحليلية للإعلام التربوي أجريت بين 2016 و2021 كشفت بأن هناك زيادة في الاهتمام بالإعلام التربوي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، وهو ما يجب الحفاظ عليه وتعزيزه في المجتمعات العربية من منطلق ديني وثقافي.