- يأخذنا مصطلح اسمح للمرور بديهياً إلى جانب الثقافة المرورية المتعلقة في سياقة السيارات وتنظيم سيرها على الطرق، وسنتناول في هذا المقال عن نفس المصطلح ألا وهو اسمح بالمرور، ولكن بمفاهيم وثقافات أخرى قد يفتقرها أغلب الأشخاص، وسنتطرق إلى مفهوم ذلك المصطلح الذي يعني بالمرونة والسماح للغير، ليس فقط بفسح الطريق لمرور الآخرين بمركباتهم على الطرق، بينما في مجمل الحياة الواقعية التي تتطلب منا دائماً أن نسمح بالمرور وترك الفرص الفائضة للغير، وتلك الثقافة تدل على القناعة التامة بأن الأرزاق تأتي من السماء، إنما نحن أسباب على الأرض فقط.
- لابد من اكتساب الثقافة التي تحتم علينا أن نكون عوناً لمن حولنا، وأن نكون منصفين في الأمور التي قد تكون تحت أيدينا في تقديمها للآخرين، فمصطلح اسمح بالمرور لن يأتي دون معنى ودون حكمة أو دون تفسير، يجب أن نتمعن في قراءة هذا المصطلح وتطبيقه بالطرق السليمة، وأن ننظر إليه من عدة جوانب كي نعطي المعنى حقه الأساسي، لأنها جملة اسمح للمرور باتت أن تستخدم في إشارات الطرق فقط وهذا ما تحتضنه الأذهان حتى يومنا هذا، بل نريد أن نسلط الضوء لهذا المعنى وأن نتوسع في التفسير للوصول إلى الثقافات الأساسية والمهمة، التي من الممكن أن نفيد بعضنا البعض بالاستفادة من تطبيقها على الواقع.
- نريد أن نعطي مصطلح اسمح بالمرور عدة معاني، ونقيسها على معايير كثيرة، أولها على الصعيد العملي وهو حتماً ما يكون الجانب المهم، بل يعانيه أغلب الموظفين الذين في حكم المرؤوسين، أحياناً يكون المسؤول مرناً وأحياناً غير مرن، بل يكون منصفاً أو غير منصف في عدة جوانب، ونخص في هذا المنطلق جانب تطوير الموظفين، وبيد المسؤول أن يمنح أي موظف متميز في عمله ترقية أو حافز أو بما يشابه ذلك، ولكنه قد يكون متحيزاً للمحسوبية أو تكون لديه مشكلة شخصية بينه وبين الموظف، حينها لن يسمح لنفسه أن يمنح الموظف المعني الامتياز الذي يستحقه، وهنا يبقى المصطلح معلقاً؛ لأنه لن يستخدم بالطريقة السليمة، وعليه لن يمرر المسؤول الامتياز للموظف، بمعنى أنه لن يسمح بمرور تلك الإجابية لمن يستحقها بسبب عواقب شخصية خارجة عن إطار العمل، فلابد من تطبيق مبدأ اسمح بالمرور من طريق المسؤول.
- ونأتي هنا في مجال المعاملات الرسمية اليومية، فقد تكون لدينا معاملات يومية وأغلبها مهمة وأغلبها مقرونة بتوقيت معين، حيث في أغلب الدوائر التي تمر بها تلك المعاملات لم تتقيد بالأوقات المطلوبة لإنهاء المعاملات، بل تتجاهل ضرورة إنهاء المعاملات المهمة، وهنا يبقى الأمر في أيدي المعني الذي بإمكانه تسيير المعاملات بمرونة أو تعطيلها حسب المعايير المعمول بها في تلك الدائرة، وأحياناً يفوت الوقت على تلك المعاملات، ونكتشف بأنها لم تمر في طريقها السليم، فنستوضح بأن من كانت المعاملة بيده أن يمررها بصفة مستعجلة وبمرونة وقبل انتهاء وقتها، فلن يسمح بمرورها حتى تبطل تلك المعاملة، فإن كنا نحن أصحاب القرار بأيدينا تيسير الأمور، فيجب السماح بالمرور لأي أمر مهم قد يكون به مسألة حياة أو ممات.
- وعلى المستوى الأسري وبالأخص رب الأسرة أو ولاة الأمر، يرون بعض الأحيان أخطاء أبنائهم إن كانت بسيطة أو جسيمة، وعلى ضوء ذلك لن يسمح أغلبهم بمرور تلك الأخطاء بسلام، بل يكون العقاب قاسياً يؤثر سلباً على نفسية أبنائهم دون مراعاة شعورهم، وأحياناً يكون رب الأسرة محتضناً بأبنائه وهذا من الطبيعي يدل على خوفه عليهم، ولكن إن لم يسمح لهم بالمرور في أي من المتطلبات الشخصية التي نراها من الواقع الاعتيادي، قد يفقدون ثقتهم بولاة أمرهم، لابد من أن نمنح أبناءنا الثقة المعقولة، وأن نكون مرنين معهم، وأن نسمح لهم بالمرور في جوانب معينة، كي يكتسبوا المسؤولية من صغرهم، لأن المسؤولية لا يوجد لها منهج أو تخصص علمي، بينما تكون مكتسبة من الحياة وتحديداً من المحيط الأسري السليم.
- يجب علينا أن نكون متسامحين ومسالمين، وأن نقدم الخير لمن حولنا مهما كانت الظروف، فثق تماماً حين تأتيك فرصة ولن تتناسب معك، اسمح بمرورها لتأتيك فرصة أعظم منها، فحب الخير للغير جهاد لا تقدر عليه كل النفوس، فكون أنت من يجتهد لمنفعة الآخرين لعل الله يمنحك ما تتمناه من ذلك الفعل، وقد نكون أحياناً في ضغوطات نفسية تثقل كاهلنا، ونريد من يسمح لنا في حال أن أخطأنا دون قصد، فالسماح ليس بضعف أو خوف بينما السماح عزيمة في الانتصار بكل إيجابية، ودائماً اسمح للمرور لكي يُسمح لك بالمرور.