أصبح اليوم هناك الكثير من يتذمر - يتحندى – على عدم الالتفات له أو إهماله في مجال عمله أو عدم تقديره وإعطائه ما يستحقه من مكانة؛ مما أدى إلى خروجه من منصات العمل متذمراً لعدم وجوده في المكان الذي يستحقه بما يتناسب مع كفاءته وخبراته أوعدم وجود آليات تشجيعية تخلق المنافسة للتقدم في المستوى الوظيفي والترقي، أو الحصول على برنامج تطويري للمهارات الوظيفية والمستوى المتقدم في العمل، أو وجود أشخاص منافسين يسدون الأبواب على أصحاب الكفاءات في العمل أو سرقة الجهود الفكرية والمهارية وإنسابها إلى الغير أو عدم إعطاء الفرصة لتجديد الدماء في اللجان العاملة في الوزارات الحكومية.... حقيقة كثيرة هي الحالات والقصص التي مرت علينا على مختلف المستويات الوظيفية المتعددة والمختلفة التي ما أن تلتفت إلا وترى شخصاً يتذمر و-يتحندى- على حالته في المؤسسة التي يعمل فيها، ففي رأيكم ما هو السبب؟
بتحليل بسيط نجد اليوم معدل الكفاءات في مملكة البحرين وصل إلى مستوى متقدم جداً من الناحية الفكرية والمهارية والإبداعية والخبرة العملية المتطورة بجانب زيادة عدد الحاصلين على الشهادات العليا في مختلف المجالات حيث بلغ عدد حملة الشهادات العليا في الماجستير والدكتوراه في مملكة البحرين نحو 60 ألفاً و917 فرداً، وكان عدد الذكور بينهم نحو 40 ألفاً و405 أفراد.
أما الإناث فنحو 20 ألفاً و145 امرأة إجمالي الحاصلين منهم على شهادة الماجستير من السكان في المملكة يصل إلى 54 ألفاً و636 شخصاً مقابل 6281 فرداً حاصلاً على شهادة الدكتوراه، وذلك جاء وفق أحدث إحصائية صادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في مارس 2024م وما زال العدد في تصاعد حيث يسعى الدارسون والمطورون من مهاراتهم إلى التطوير في مستوياتهم الفكرية وخبراتهم المهارية والعملية حيث مراكزهم الوظيفية لتحسين مستوياتهم المعيشية لذا كان الصراع والتنافس الشديد حيث العطاء اللامحدود في العمل والقدرة التي تفوق الطاقة المطلوبة للعمل؛ مما جعل مؤشر هؤلاء النوعية من الأفراد في حالة من الصدمة لعدم تحقيق ما كانت تصبو إليه، أو تتمناه حيث لا قنوات مفتوحة للخروج من شرنقة - قف مكانك - فهل سيتراجع هذا العطاء، وهذا الفكر الإبداعي والمهاري في مقابل عدم التقدير وتكافؤ الفرص مع المستويات البشرية عالية الفكر؟.
إنها حقيقة معضلة لا بد من الالتفات إليها، حتى لا يكثر -التحندي - وتتسع دائرة هذا الأمر؛ مما يؤثر على مستويات التقدم التنموي في البلاد، حيث هي المعادلة الصعبة في تحقيق التوازن بين مستويات علمية عالية ومهارات إبداعية متقدمة وكفاءات بخبرات بارزة في مقابل وظائف بمستويات ثابتة ومراكز وظيفية محدودة، فكان من الضرورة أن يتم تدارس هذا الأمر ووضعه على طاولة البحث للاستفادة من الخبرات والكفاءات عالية المستوى في مختلف التخصصات إن لم يكن على المستوى الوظيفي، فمن الأجدر مشاركته والاستفادة منه في لجان عاملة لها أثر على المستوى التنموي في البلاد، حتى تستثمر هذه الطاقات.