خلال أسبوع واحد فقط استطاعت البحرين أن تغرس أكثر من 5 آلاف بذرة سنرى ثمارها في السنوات القادمة، وأنا هنا لا أقصد أسبوع الشجرة الذي تزامن وتداخل مع أسبوع دورة الألعاب المدرسية ولكني أعني تلك الأخيرة.

فلقد كانت البحرين على موعد مع حدث، رياضي، ثقافي، سياحي، ترويجي، وتعليمي، ضخم وغير مسبوق حين استضافت النسخة السابعة عشرة من دور الألعاب المدرسية الدولية، وجمعت فيها 5515 رياضياً من 71 دولة، حول العالم على أرض الخلود مملكتنا الغالية برعاية ملكية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، إذ سجلت تلك الدورة الرقم القياسي من حيث عدد الحضور بالمقارنة مع الدورات الدولية السابقة.

وأنا لا أريد التحدث عما نشرته الصحف ووسائل الإعلام عن تلك الدورة وما حققته من إنجاز كبير، لكني سوف أتناول الحدث من واقع سرد فتاة متطوعة عملت مع فريق المتطوعين على مدار الأسبوع الرياضي، حيث سجلت بعض الملاحظات التي تمثل بالنسبة لي، ولمن يقرأ ما وراء الحدث أموراً أخرى، وأبعاداً مغايرة لما نقلته التقارير الإعلامية والإخبارية.

فقد كانت المتطوعة مسؤولة عن نقل اللاعبين من الفندق، وإلى الاستاد الرياضي، ومتابعة الجولات السياحية لهم والزيارات التي تم تنظيمها للوفود، ورأت أحد المدربين الذي جاء إلى البحرين خصيصاً ليشتري منها حبة لؤلؤ، وكما سمع عن تاريخ بلدنا في صيد اللؤلؤ، وقالت إن هذا المدرب اشترى دانة بقيمة ألف دولار، وكان في قمة سعادته بأن حصل عليها قبل أن يغادر البحرين.

وفي رحلة أخرى سجلت المتطوعة ملاحظات اللاعبات عن البحرين بأن هذه البلد الجميلة يجب العودة إليها مع الأهل والأصدقاء، حيث أكدت لاعبات في إحدى الفرق أنهن لم يكنّ يتخيلن هذا الجمال والروعة التي عليها البحرين، وستكون البلد الأكثر تفضيلاً لرحلاتهم المستقبلية، فيما نقل المشاركون من كل الدول آلاف من مقاطع الفيديو والصور عن البحرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لبلدانهم حول العالم، ولك أن تتخيل قدر هذا الترويج الإعلامي الثمين.

ما أريد قوله هو أن قيمة الحدث لم تكن مقتصرة على استضافة الفعالية الرياضية فقط، وإنما شملت أضخم ترويج إعلامي عفوي حدث في تاريخ مملكة البحرين، ولو كان المسؤولون في قطاع السياحة أنفقوا مليار دينار على الترويج للمملكة، لما وصلوا إلى هذه النتيجة المبهرة عبر أكبر فريق إعلاني من شتى دول العالم.

وفي حدث «الدانة» التي اشتراها ذلك المدرب، فإني أراه نشاطاً تجارياً فردياً من شخص واحد ضمن أكثر من 5 آلاف آخرين اشتروا هدايا، وتسوقوا في أماكن كثيرة، ولا يمكن حصر حجم المبيعات والنشاط التجاري الذي أحدثته تلك الدورة.

مجمل القول إن هذه الدورة المدرسية الدولية تعتبر أقوى حدث في عام 2024 بالنسبة لمملكة البحرين، وليس ذلك بسبب العدد الكبير من الحضور، وإنما لأن هؤلاء هم سياح المستقبل ونجوم الرياضة خلال السنوات القادمة، وأصحاب المناصب الرياضية والسياسية والاقتصادية والعلمية في وقت لاحق، ولن ينسوا ذكرياتهم في البحرين، وسيعودون إليها ولو بعد حين، وحين يكونون قد أصبحوا آباء وأمهات ولديهم أطفال يسردون لهم قصصاً جميلة عن مملكة صغيرة اسمها البحرين.