إن أكثر ما يفسد الدين ويشوه صورة الإسلام هو أن ساحة الإفتاء في الدول الإسلامية باتت اليوم ساحة مفتوحة لكل من «هبّ ودبّ» من المفتين الصغار والمراهقين وبعض الذين لا نعلم مقدار علمهم ومستوى تحصيلهم العلمي في علوم الشريعة السمحاء أي شيء. في السابق كانت الفتاوى الشرعية تصدر من مراكز ومؤسسات دينية لها وزنها الكبير في العالم الإسلامي وكان عالم الدين الذي يتصدى للفتاوى الدينية - من جميع المذاهب - تكسو لحيته الشعيرات البيضاء إضافة لتحصيله العلمي والأكاديمي المتميز ووصوله لمرحلة النضوج والوعي والمقدرة الكاملة على استنباط الأحكام، لكن الوضع الآن اختلف كثيراً جداً حيث أصبحت مهنة الإفتاء مهنة من لا مهنة له، ولهذا وصلت غالبية الفتاوى الدينية في عصرنا الراهن لمرحلة التهريج بل بات أكثرها محط استهزاء وسخرية من طرف المؤسسات العلمية في كل أنحاء العالم، إضافة إلى أن الكثير من الفتاوى المعاصرة باتت تستهدف المرأة بشكل مباشر لتنال من كرامتها وقيمتها، بل هناك من الفتاوى «الصبيانية» ما أساءت لقيمة الإسلام. في الحقيقة هي ليست فتاوى دينية بقدر ما تكون حالة من التهريج المبتذل يقوم بها من يدعون أنهم «ممثلون عن الله»، وهم ليسوا سوى مجموعة من المهرجين. لا يمكننا ذكر كل الفتاوى السخيفة والغريبة هنا ولكننا يمكن ذكر بعض النماذج التي تعبر عن مدى الانحطاط الفكري والشرعي عند بعض الأشخاص والجهات المخولة بالإفتاء في عصرنا الراهن وإليكم بعضها.

* إباحة النظر إلى المرأة التي ينوي الزواج بها وهي تستحم.

* الإقامة على سطح كوكب المريخ ليست من الإسلام في شيء.

* حرمة شراء «البوفيه المفتوح»، والذي يعني أن يدفع الشخص مبلغاً ثابتاً من المال مقابل أن يأكل ويشرب ما يشاء.

* عدم جواز لبس الكعب العالي للمرأة خارج المنزل، وجواز لبسه فقط داخل المنزل.

* يجوز للمسلم الإفطار في شهر رمضان بسبب الحر.

* لا يجوز للإنسان العمل كمحلل رياضي أو فني.

هذه مجموعة من الفتاوى الغريبة والبعيدة عن روح الإسلام والاعتدال أبطالها مجموعة من المفتين وشيوخ الدين غير المتزنين في وعيهم وتصرفاتهم، وعليه يجب أن تأخذ المؤسسات الدينية المعتبرة في العالم الإسلامي هذه المهمة الحساسة من يد المراهقين والمجانين وتوعية الناس بأهمية المصدر الذي يجب أن يأخذ فيه المسلم فتاواه الدينية، وأن أية فتوى تصدر خارج أسوار المؤسسات الدينية الكبرى تعتبر لاغية ولا قيمة لها مطلقاً، فكميات السفاهة التي صدرت كفتاوى دينية من بعض المشايخ المحدثين في الأعوام الأخيرة تكفي لأن تخرج المؤسسات الدينية المعتبرة عن صمتها لتعلن أن وقت التهريج انتهى وحان موعد الأخذ بالفتاوى المُعتبرة التي تصدر عن طريق المؤسسات التي تدار عبر الدولة وليس عبر «تويتر» أو «إنستغرام» أو عبر أي موقع شخصي لفلان أو علان. فكميات التشويه التي نالت الإسلام عبر فتاواكم المجنونة تضر بهذا الدين الحنيف.