سرعة وتيرة الحياة التي نعيشها وتطورها السريع تفرض علينا واقعاً ألا وهو «مواكبة التغيير والتطوير»، على كافة الأصعدة، خاصة الإلكترونية، أو من حيث التشريعات والقوانين، فكما رصد مؤخراً أن دول مجلس التعاون تتعرض لحزمة مكثفة من الاختراقات الإلكترونية والتي تفرض على الدول الخليجية صد هذه الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الأمن المعلوماتي الخليجي. فهل فكرنا نحن دول الخليج يوماً في تبني مجموعة من المخترقين «الهاكرز» وتوظيفهم لصالح تطوير نظام أمن المعلومات لدينا للتعرف على الثغرات الموجودة في أنظمتنا المعلوماتية؟ وتقوم الدول بتوظيف «الهاكرز»، والهاكرز بالإنجليزية «Hackers‏» كلمة تطلق على مجموعة من المبرمجين «الأذكياء» الذين يتحدون الأنظمة المختلفة ويحاولون اقتحامها، وليس بالضرورة أن تكون في نيتهم ارتكاب جريمة أو حتى جنحة، ولكن نجاحهم في الاختراق يعتبر نجاحاً لقدراتهم ومهاراتهم، وهي وسيلة للكشف عن الثغرات في النظام. وفن توظيف «الهاكرز» ليس بموضوع جديد على الساحة العالمية، فأمريكا وروسيا وبريطانيا وألمانيا وغيرها الكثير من الدول المتقدمة تسعى لتوظيف «الهاكرز» في مؤسسات حساسة كالمخابرات والدفاع، فحروب اليوم هي حروب إلكترونية، ويعتبر الأمن المعلوماتي من أهم أنواع الأمن الواجب الحفاظ عليه.

بعض الدول الخليجية مؤخراً ألمحت إلى رغبتها في توظيف عدد من «الهاكرز» وهذه خطوة إيجابية، حيث إن «الهاكرز» كما ذكرت سالفاً، تتلخص وظيفتهم في أنهم يكشفون عن «الثغرات في النظام الإلكتروني»، وأتمنى ألا يتطور موضوع «الهاكرز» ليشمل «هاكرز» وظيفتهم رصد جميع الثغرات على كافة الأصعدة، لكي لا نؤسس لثقافة الشعب «المتذاكي»، والشعب «المتذاكي» هو هذا الشعب الذي يستغل الثغرات الموجودة في أي نظام أو قانون أو قرار لكي يستفيد منه ويتحايل عليه. ولن أبتعد كثيراً عن الصورة الحالية، وسأضرب مثالاً حياً على ما حدث مؤخراً حول قرار وزارة الصحة برفع رسوم الكشف الطبي للوافدين، والذي على أساسه تناقصت أعداد الوافدين في عيادات المراكز الصحية بشكل ملحوظ وواضح، ولكن «وافدين» استغلوا ثغرة أن الخدمات الطبية والرعاية الطبية الطارئة متاحة للجميع فلجؤوا إلى الطوارئ باستخدام سيارات الإسعاف في خطوة «متذاكية» على القرار.

ليس هذا وحسب بل إن هناك عدداً كبيراً من الثغرات التشريعية او القانونية تُمأسس لثقافة «الشعب المتذاكي»، والذي يجعله يتحايل على هذا الفراغ، بل قد يتعداه ليجعل المجرم في بعض الأحيان «بريئاً» لوجود فراغ تشريعي في مسألة ما، أو لوجود قوانين بالية أكل عليها الدهر وشرب، أو لوجود قوانين وقرارات غير مدروسة مليئة بالثغرات.

إن مسألة إعادة تدارس ومراجعة القوانين والقرارات مسألة مهمة جداً، وتقع على عاتق كل من هيئة التشريع والإفتاء، وعلى مجلسي النواب والشورى، والسلطة التنفيذية، وسائر قطاعات المجتمع المدني لضمان أن تتماشى قوانينا وقرارتنا مع ما نعيشه من تطور وتقدم.

على سبيل المثال لا الحصر، هل يعاقب القانون البحريني المثليين إذا ما تزوجوا في إحدى الدول التي يسمح قانونها بمثل هذا الفعل؟ وماذا بشأن عقود الزواج العرفية الموثقة بالخارج؟ ماذا بشأن بعض أنواع المخدرات غير المدرجة على قائمة المخدرات؟ ماذا بشأن تشبه النساء بالرجال؟ ماذا بشأن بعض الأساليب التخريبية الجديدة وغير المضمنة، ضمن قائمة الأسلحة، كما حدث في استخدام «ليزر» لتعريض طائرة «الداخلية» للخطر والذي تم تبرئة مرتكبها لأن الليزر لا يصنف كسلاح؟ أمور كثيرة تستوجب علينا مراجعتها وإعادة دراستها لكي لا نخلق جيلاً «متذاكياً» على قوانين البلد وقراراتها.