في أوقات الشدة تحتاج الحكومات إلى قرارات استثنائية وجريئة تقوم على المنطق والمصلحة الوطنية وقبل ذلك المكاشفة الفعلية مع المواطنين. هذا ما نحتاجه اليوم في وقت تواجه فيه الحكومة وضعاً مالياً صعباً، دفعها لتبني سياسة تقليص الإنفاق وترشيد النفقات في العديد من القطاعات، ويبدو أنها لم تنته من هذه المهمة بعد.
مضى نحو أسبوع كامل منذ أن نشرت «الوطن» قضية خسارة الدولة لعشرات الملايين من الدنانير بسبب احتكار «مافيا الأدوية» هذا السوق وتحفظه على استيراد الأدوية الجنيسة حتى لا يخسر، لأنه لا يكترث بموازنة الدولة، أو ظروف المواطنين بل هذا آخر ما يفكر فيه مع تنامي الجشع المادي. ومازال موقف الحكومة إزاء ما نشر الصمت لا أكثر.
القضية واضحة، لدينا حكومة ترفض شراء الأدوية الجنيسة التي تصنّع وتباع في الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، وهي لاتقل جودة أبداً عن الأدوية العادية المتداولة في السوق المحلية بحسب الخبراء الدوليين بالأمم المتحدة. ويمكن من خلال استبدال الأدوية العادية بنظيرتها الجنيسة توفير عشرات الملايين من الدنانير سنوياً، والحفاظ على جودة الخدمات الصحية المقدمة كما تفعل بقية الدول الخليجية الشقيقة.
لكن مافيا الأدوية ترفض ذلك، وتضغط على الحكومة بحجج غير واقعية معظمها يتركز حول حقوق الملكية الفكرية وبعض الاتفاقات الدولية. من ناحية أخرى فإن البحرين لديها الحق القانوني لشراء الأدوية الجنيسة حسب اتفاقية (TRIPS)، إضافة إلى القانون الذي أصدره جلالة الملك المفدى في يونيو 2009، بالتالي عدم تطبيق القانون من الوزارات والجهات الحكومية يعد مخالفة دستورية تستوجب المساءلة.
من الواضح أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار يتعلق باستيراد وتداول الأدوية الجنيسة، رغم أزمتها المالية الواضحة، وسبب ذلك مصالح بعض التجار الذين لا يكترثون بالمصلحة العامة للدولة.
رغم الظروف المالية الصعبة، فإن الحكومة إذا لم تتخذ قراراً حول الأدوية الجنيسة وتوفر عشرات الملايين من الدنانير، فإن إجراءاتها التقشفية على المحك وليست ذات مصداقية، لأنها تتجاهل مصادر التوفير الأساسية ذات القيمة الأكبر، وتتجه نحو مصادر التوفير الأقل التي تمس حقوق المواطنين، كما هو الحال في القرار الحكومي الذي تم إيقافه بشأن الزيادة السنوية لموظفي القطاع العام.
نحن لا نجيد ترتيب الأولويات فيما يتعلق بالإنفاق والتوفير، وبالفعل يبدو أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار يساهم في توفير عشرات الملايين من الدنانير.
«عندك تاكل قال لا.. عندك تغرم قال إي»
مثل شعبي قديم
{{ article.visit_count }}
مضى نحو أسبوع كامل منذ أن نشرت «الوطن» قضية خسارة الدولة لعشرات الملايين من الدنانير بسبب احتكار «مافيا الأدوية» هذا السوق وتحفظه على استيراد الأدوية الجنيسة حتى لا يخسر، لأنه لا يكترث بموازنة الدولة، أو ظروف المواطنين بل هذا آخر ما يفكر فيه مع تنامي الجشع المادي. ومازال موقف الحكومة إزاء ما نشر الصمت لا أكثر.
القضية واضحة، لدينا حكومة ترفض شراء الأدوية الجنيسة التي تصنّع وتباع في الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، وهي لاتقل جودة أبداً عن الأدوية العادية المتداولة في السوق المحلية بحسب الخبراء الدوليين بالأمم المتحدة. ويمكن من خلال استبدال الأدوية العادية بنظيرتها الجنيسة توفير عشرات الملايين من الدنانير سنوياً، والحفاظ على جودة الخدمات الصحية المقدمة كما تفعل بقية الدول الخليجية الشقيقة.
لكن مافيا الأدوية ترفض ذلك، وتضغط على الحكومة بحجج غير واقعية معظمها يتركز حول حقوق الملكية الفكرية وبعض الاتفاقات الدولية. من ناحية أخرى فإن البحرين لديها الحق القانوني لشراء الأدوية الجنيسة حسب اتفاقية (TRIPS)، إضافة إلى القانون الذي أصدره جلالة الملك المفدى في يونيو 2009، بالتالي عدم تطبيق القانون من الوزارات والجهات الحكومية يعد مخالفة دستورية تستوجب المساءلة.
من الواضح أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار يتعلق باستيراد وتداول الأدوية الجنيسة، رغم أزمتها المالية الواضحة، وسبب ذلك مصالح بعض التجار الذين لا يكترثون بالمصلحة العامة للدولة.
رغم الظروف المالية الصعبة، فإن الحكومة إذا لم تتخذ قراراً حول الأدوية الجنيسة وتوفر عشرات الملايين من الدنانير، فإن إجراءاتها التقشفية على المحك وليست ذات مصداقية، لأنها تتجاهل مصادر التوفير الأساسية ذات القيمة الأكبر، وتتجه نحو مصادر التوفير الأقل التي تمس حقوق المواطنين، كما هو الحال في القرار الحكومي الذي تم إيقافه بشأن الزيادة السنوية لموظفي القطاع العام.
نحن لا نجيد ترتيب الأولويات فيما يتعلق بالإنفاق والتوفير، وبالفعل يبدو أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار يساهم في توفير عشرات الملايين من الدنانير.
«عندك تاكل قال لا.. عندك تغرم قال إي»
مثل شعبي قديم