من الأمور التي صارت ملحوظة في مجتمعنا انتشار خبر ما بشكل مفاجئ ثم تبين عدم صحته، أي أنه لم يكن سوى إشاعة، ليس معروفا من أطلقها ولا لماذا تم إطلاقها، فينشغل بها الجميع، ويجتهدون في التحليل ويأخذ الموضوع أبعاداً أخرى جديدة تتسبب في إيجاد حالة من القلق والتوتر لا تزول، حيث يحل محل ذلك الخبر الإشاعة، خبر آخر يتبين بعد قليل أنه مجرد إشاعة، وهكذا ندور في الدائرة نفسها. المثير هو أن الكثيرين منا يشعرون أن بعض الأخبار التي يتم تداولها صعب تصديقها وأنها في الغالب إشاعة ومع هذا يساهمون في نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل قد يضيفون إليها معلومات جديدة من وحي خيالهم تعطيها بعداً آخر وتزيد من تأثيرها السالب على المجتمع.

هذا يعني أننا صرنا في زمن الإشاعات التي لا تفعل سوى إرباك الحياة وتدمير المجتمع، ولأن الإشاعة تكبر بتداولها وتؤذي لذا ينبغي الانتباه والحذر من تناقل الأخبار، وخصوصاً تلك التي لا يتقبلها العقل وتبدو غير منطقية، والتريث حتى تتوفر المعلومة الصحيحة من الجهة ذات العلاقة.

الدين الإسلامي حذر من تصديق الأخبار التي يأتي بها الفاسق ووجه الذين آمنوا إلى تبين الحقيقة وعدم تداول النبأ قبل التأكد من صحته كي لا يصيبوا قوماً بجهالة ويندمون. قال تعالى في سورة الحجرات «يا أيها الذِين آمنوا إِن جاءكم فاسِق بِنبأ فتبينوا أن تصِيبوا قومًا بِجهالة فتصبِحوا على ما فعلتم نادِمِين»، ومجمل المعنى أن على العاقل التثبت من صحة الأخبار التي تصله قبل أن يتخذ موقفاً ويصدر حكماً لأن في هذا مضرة وظلما على الآخرين لو كانت تلك الأخبار غير صحيحة.

التعريف الأكثر انتشاراً للإشاعة هو أنها «خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها»، و»دائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين» و»الإشاعات تفتقر عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار». وحسب الباحثين فإن ثلاثة أرباع تفاصيل المعلومة تسقط في حال تناقلها من شخص إلى شخص، أي أن الخبر يتعرض لكثير من الحذف وكثير من الإضافة قبل أن يصل إلى آخر من يتلقاه.

الأسبوع الماضي فقط سرت في مجتمعنا مجموعة من الشائعات تم تناقلها عبر «الواتساب» وانتشرت كما النار في الهشيم قبل أن يتبين أنه لا أساس لها من الصحة. تلك الإشاعات صدرت من شخص أو أشخاص أو مجهولين، لغاية معينة يعلمونها هم فقط، وتم تداولها من دون التفكير فيها، أما ناتجها فكان حالة الإرباك التي تضر المجتمع وتتسبب في كثير من القلق الذي قد ينتج عنه حماقات. فالقول مثلاً إنه تم اكتشاف أسلحة في محل معين قد يدفع البعض إلى اتخاذ قرار بمقاطعة ذلك المحل وعدم التعامل معه، وصولا إلى تفسير الموضوع تفسيراً طائفياً بغيضاً يستتبع مواقف بغيضة. والقول إن ما حدث لفلان هو نتيجة لهذا السبب وليس لذاك السبب وتداول القول يوقع ظلما على الشخص المعني يستوجب عقاباً من رب العالمين الذي نهى عن تداول الأنباء قبل التثبت من صحتها. مجتمع البحرين يمر اليوم بمرحلة صعبة، تزيدها الشائعات صعوبة، لذا ينبغي من كل فرد من أفراد المجتمع أن يعمل على وأد الإشاعة فور صدورها بعدم المشاركة في نشرها وبالتثبت من الأخبار التي تصله والتيقن من صحتها قبل أن يضغط على زر التحويل في هاتفه، ففي ذلك ضرر عليه وعلى أهله ومجتمعه، وفيه ضرر كبيرعلى الوطن الذي صار يعاني الكثير ويستحق أن ننتصر له.