منهجان وأسلوبان وسياسة ومبادئ وقيم تكاد تكون متناقضة فيما يتعلّق بكل شيء تقريباً.
الديمقراطيون، في أكثر ألوانها عمقاً برزت الحقبة الأوبامية وهي 12 عاماً، عاشها العالم كله لا الشعب الأمريكي فحسب، بحكم تأثر الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى تتسيّد النظام العالمي. فترتا أوباما، وفترة بايدن التي تعتبر امتداداً والولاية الثالثة لأوباما، شاهدنا وعاصرنا يساراً متطرّفاً من المنهج الديمقراطي فيما يتعلّق بكل شيء تقريباً، وتعميقاً للدولة العميقة، حيث حكم لمؤسسات تعمل وفق دراسات ونظريات تمّ وضعها من قِبل أكاديميين تشدّدوا في فرض توصياتهم على بقية العالم.
كان ترامب فاصلاً بين الولايات الثلاث لأوباما أظهر فيها حجم الاختلاف الكبير في نهجيهما، شكّل ظاهرة توقعنا أنها فردية، لكنه اليوم وبعد فوزه وفي عودته للبيت الأبيض أثبت أن الترامبية هي مزاج لأغلبية الأمريكيين الذين صوّتوا له، بل أثبت أن هناك الكثير من الديمقراطيين تحوّلوا للجمهوريين كالعرب الأمريكان والذين سئموا التنظير اليساري، وترامب يبدو لهم وكأنه الأرنب الذي قفز خارج الصندوق الرسمي الأمريكي «الدولة العميقة»، ترامب شفى غليل الأمريكيين من كل ما هو حكومي رسميّ، أي كل ما هو طوباوبي محرم بعيد عن الواقع، ترامب كشف العديد من الملفات السرّية رغم أنهم هدّدوا بالاعتقال بل بالاغتيال، ترامب كشف حجم الخداع الإعلامي والماكنة التي غسلت عقول أجيال من الأمريكيين.نتّفق أو نختلف معه كمصلحة، إنما نعرف أنه واضح رغم وقاحته.
لنستعد إذاً للاختلاف في كل ما تعوّدناه لاثني عشر عاماً.
بدءاً من المناخ
الطاقة
السياسة الخارجية مع أوروبا مع الشرق الأوسط مع الصين مع روسيا مع كوريا الشمالية مع إسرائيل
الهجرةالأقليات
الشواذ «مجتمع الميم»
أربع سنوات ترامبية نسفت الكثير مما حققته الأوبامية خلال ولايتين اثنتين أي 8 سنوات.
نَسَفَ اتفاقيات الطاقة والمناخ والملف النووي الإيراني والملف الروسي والصيني، ونَقَلَ مقرّ السفارة للقدس، وقَارَبَ على إنجاز التقارب السعودي الإسرائيلي واختلف مع الناتو وهدّدهم، عَكْس اتجاه المرحلة الأوبامية تماماً.يأتي ترامب الآن وهو يعلم أن السنوات الأربع القادمة هي فرصته الأخيرة ليُعيد توجيه البوصلة الأمريكية.
وعوده كثيرة للمملكة العربية السعودية، وعوده كثيرة للعرب الأمريكان بتحقيق السلام، وَعَدَ بحلّ الدولتين، إلا أن وعوده أيضاً كثيرة لنتنياهو وهو يميني متطرّف مجنون مغضوب عليه عالمياً بل حتى إسرائيلياً، خاصة بعد إقالته غالانت وزير دفاعه، واستفرد في القرار أكثر.
ترامب نتّفق معه فيما يتعلّق بوقف الحرب الروسية الأوكرانية بوعده بإيقافها ووقف دعم زيلينسكي، ونتّفق معه في موقفه من إيران، ونتّفق معه في موقفه من الشذوذ.يأتي ترامب اليوم وقد تعلّم من أخطائه وعرف الثغرات التي قطعت عليه الطريق، يأتي بفوز حقيقي لا بفوز نقاط، أي يأتي محمّلاً بسند من المؤيدين، فهل سيعمّ السلام؟ هل نحن مقبلون على حقبة نتفاءل بها؟ أم أننا مقبلون على عكسها تماماً وكلام ليل الانتخابات يمحوه نهار الفوز؟