- من الطبيعي أن نكون نحن كبشر مثل الشجر بغصونه وأوراقه، قد تتطلب استمرارية الحياة أن نجعل تعاملاتنا مع من حولنا طبيعية دون زيادة أو نقصان، وإن تطلّب الأمر للزيادة فنزداد، وإن تطلّب الأمر للنقصان فنحاول أن نقلّل، ولكن كنظرية عامة نحن نعيش على عوامل مشتركة مع طبيعة الأشجار بل مع طبيعة كافة النباتات ذات العوامل المشتركة بينها وبين البشر. فلابد أن نجعل علاقتنا بالجميع كورق الشجر، من يبقى يثمر، ولكن من يسقط لن يعود، وسنتناول في بداية مقالنا أفكاراً عدّة، تنوه حول تأثير فصول السنة على الشجر وأوراقها وكيف تكون تلك الفصول مؤثرة أيضاً على البشر.

- يأتي فصل الخريف ضمن فصول السنة الأربعة والمعروف بأن أوراق الشجر تتساقط فيه، وهناك أيضاً ما يُسمّى خريف العلاقات، وذلك الفصل نسبةً للبشر قد يتساقط السيئون من حولنا كأوراق الشجر، وإن بقى أحدهم سيكون مملوءاً بالأشواك المُضرّة ويبقى غصنه مسموماً على بقية الأوراق، هكذا نحن البشر نبقى كالشجرة التي عندما تحافظ على أوراقها ازدهرت، بينما إن أهملنا أنفسنا في تلك العلاقات ستكون أوراقنا ذابلة، وسيبقى مظهرنا العام هو الظاهر أمام بقية الأشجار، فيجب علينا أن نستغل فصل الخريف للتخلّص من الأوراق السيئة والمسمومة، التي قد يكون بقاؤها له تأثير سلبي حتى على الشجرة كُلِّها وليس الأوراق فقط.

- أحياناً بعض البشر يكونون كالأشجار الصناعية، مهما سقيتها من معروف لن يثمر فيها، ولن يكون لها أي تأثير سلبي أو إيجابي، ويكون حجمها واحداً لن يتغيّر مهما وضعتها في أفضل الأماكن، فتبقى مزيفة في نظر الجميع ولن تلفت انتباه أحد، عكس الشجرة الحقيقية التي بها عوامل إيجابيه عدّة ومؤثرة، حتى نسبةً للثمن تبقى الشجرة الحقيقية أثمن من الشجرة الصناعية، فهكذا هم بعض البشر يكونون بشراً اصطناعيين لا قيمة لهم في المجتمع، ولكن من الممكن أن يكونوا واقعيين ويصبحوا طبيعيين كي تكون لهم قيمة في الحياة، لذلك العوامل المشتركة ما بين الشجر والبشر واضحة وضوح الشمس، لابد من الاهتمام في من حولنا واستثمار المعروف بهم لكي تزدهر الحياة على الجميع دون استثناء.

- لا تُرمى إلا الشجرة المثمرة، هكذا دائماً ما يتم تشبيه الناجحين، فالشجرة المثمرة هم الأشخاص المميزون، بينما الحجارة تأتي من الأشخاص السيئين، كذلك تشبيه الشجرة بالأشخاص المتميزين يأتي دائماً في محله الصحيح، فثمار الشجرة ينتفع بها الجميع وتكون نعمة من رب العالمين، وظلها يكون رحمةً على اليائسين، فالشجرة مثلها مثل الرجل المسلم الذي ينفع من حوله بما يرضي الله، بينما يضع الله الشخص الصحيح في طريق المحتاجين، كي يأخذ بيدهم سعياً إلى برّ السلام، وإنما يكون الرجل المثمر كالشجرة محارَباً من أغلب السيئين من حوله، ولكن يبقى صامداً بفضل رب العالمين لمساندة من يلجأ إليه في المواقف الصعبة.

- كذلك يُقاس تشبيه البشر كالشجر على المنظور العام لأفراد المجتمع، كل بيئة على حِدَةٍ، مثال: بيئة العمل، ومثال آخر البيئة الأسرية وأيضاً البيئة التجارية، كلّما كانت النشأة صحيحة يكون الناتج سليماً، بما معناه، إذا الشجرة نشأت نشأة غير صحيحة ونشأت باعوجاج ففي حال كبرت يصعب تصحيحها، لذلك رب الأسرة بيده أن يكون هو الشجرة التي تُنبت ورقاً بغصون تحمل معاني المبادئ والقيم النبيلة وهم أبناؤه، ومن جانب آخر المسؤول في أي بيئة عمل إذا كان هو الشجرة التي تضخ الإيجابية والمعنوية العالية بواسطة أفرعها، سيجعل العمل بستاناً مملوءاً بالورود والزهور اللافتة للجميع، وهم الموظفون حوله، وأخيراً البيئة التجارية كل ما كان تأسيسها منذ البداية صحيحاً ستصبح التجارة مثمرة وفي ازدهار لا حدود لها.

- فالشجر خير مثال للبشر، لأنه هناك شجر يثمر وشجر لا يثمر، دائماً كن أنت الشجرة المثمرة مهما كثرت حجارة الحاقدين، فعندما تثمر الخير ستكون محصّناً من قِبل أوراقك، كلما سرت في الطريق الصحيح كلما زادت أفرعك الخيّرة، ولن يستطع أحد ملامسة أي ورقة من أوراق شجرتك، بل سيمتع نظره بما وصلت له من مستويات متميزة، وبإمكان الشجرة المثمرة أن تكون وَسَط بستان يتجمل بالزهر والنباتات الجميلة، هكذا يجب أن نسعى لهذا الطريق الذي يخلو من أشواك السيئين، لأنه مثلما ذكرت بأنه يوجد للسيئين فصل ضمن فصول السنة الأربعة ألا وهو فصل الخريف، وذلك الفصل تتساقط منه الأوراق التالفة من الشجر، تلك هي ما نسميه خريف العلاقات.