قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعمل تغييرات في العقيدة النووية خلاصتها بأنه يمكن القيام باستخدام الترسانة النووية الروسية ضد دول معادية تدعم من قبل دول نووية، وهي إشارة إلى أوكرانيا كما كان قبل تغيير عقيدتها في عام 2020، استخدام الأسلحة النووية بالنسبة لروسيا يشترط تهديد وجود الدولة، بينما يعتبر التعديل الجديد «التهديد الخطير» مبرراً لاستخدام السلاح النووي دون تحديد المقصود بـ «التهديد الخطير».

ويأتي هذا التطور بعد أن قام الرئيس جو بايدن بالسماح للرئيس الأوكراني باستخدام صواريخ أمريكية بعيدة المدى في العمق الروسي، فما كان من بوتين إلا أن يصدر هذا القرار والذي وصف بأنه خطوة نحو التصعيد ليس على مستوى الأزمة الأوكرانية بل على مستوى العالم الذي سيتيح لموسكو القيام باستخدام الأسلحة النووية.

وفي ظل هذا التصعيد، شهدت إيران مجموعة كبيرة من القرارات ومن ضمنها القرار الصادر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدعوة إيران إلى ضرورة الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق المتعلقة ببرنامجها النووي، والذي كانت ردت الفعل لدى طهران بأنها قامت بزيادة تركيب أجهزة الطرد المركزي لرفع مستوى تخصيب اليورانيوم. وتباعاً لذلك، ومع قرب توقيع الاتفاقية التاريخية للشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران والذي ستتضمن التعاون الأمني والدفاعي، فإن طهران وموسكو ينظران إلى أن هذا الاتفاق يجب أن يشمل ضمان رادع مشترك وهو التسلح النووي، مما جعل تل أبيب تذهب إلى تغيير سياساتها بشكل تلقائي إلى التركيز على إيران وبالتحديد الملف النووي.

بمعنى أن طهران تنظر إلى الاتفاق مع موسكو يجب أن يتضمن نقل للتكنولوجيا النووية، وهذا ما كانت روسيا تتحاشى الحديث عنه في الفترة الماضية، ومع تغير العقيدة النووية الروسية، فقد يدفعها في ظل ترابط مسارح المعارك إلى التهديد بنقل تلك التكنولوجيا إلى إيران مما يؤدي إلى الضغط أكثر على واشنطن لتتراجع عن دعم أوكرانيا.

خلاصة القول، إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمامهما مناورة روسية قد تشعل منطقة الشرق الأوسط إلى حرب ليست إقليمية بل حرب شاملة نووية ليس لها حدود للاشتباك أو أي معيار يمكن المضي حوله لتخفيف مستويات التصعيد المرتقبة، فالإدارة الأمريكية الجديدة عليها مهمة قد تكون مستحيلة من دون شن هجوم عسكري على إيران في إيقاف الطموح النووي الإيراني بالشراكة مع الدول الفاعلة بالمنطقة.