لفت نظري مشاركة عدد من النساء البحرينيات من الصم والبكم في الندوة التي نظّمتها جمعية وطني البحرين بعنوان " المرأة البحرينية شريك فاعل في تعزيز الهوية الوطنية وبناء الدولة".
مثّل حضور هؤلاء النسوة فارقاً كبيراً بالنسبة لي لاسيما عندما طلبت إحداهن المداخلة لتتحدث إلينا بلغة الإشارة وتشيد بالمستوى الرائع التي وصلت له المرأة البحرينية على مختلف الأصعدة.
جهود وطنية كبيرة في مجال الاهتمام بذوي الإعاقة بشكل عام والاهتمام بالصم والبكم بشكل خاص، فلقد شهدت مملكة البحرين حراكاً واسعاً في مجال دمج الصم في المجتمع وتقديم الخدمات التي تسهّل حياتهم وتساهم في تنمية مهاراتهم وثقافاتهم.
وتشاركت وزارات الدولة لتقديم أفضل الخدمات من أجل خدمة هذه الفئة المهمة من المجتمع، حيث تمّ إدماج فئة الصم في التعليم وقامت وزارة التربية والتعليم بدمج الصم في المدارس الثانوية والمرحلة الجامعية وتوفير مترجمي لغة الإشارة لهم، كما يعتبر مركز شيخان الفارسي للتخاطب الشامل أحد أهم مساهمات وزارة التنمية الاجتماعية في تعليم الصم، وتقدّم الوزارة دعمها لفئة الصم وغيرها من الفئات من ذوي الإعاقة من خلال الدعم المالي. وتقوم وزارة الصحة بتدريب مجموعة من الأطباء والعاملين في المجال الصحي بالتعاون مع جمعية الصم البحرينية، ناهيك عن تصفير مملكة البحرين لقوائم زراعة القوقعة الإلكترونية.
كما تمّ تدشين مشروع مركز الاتصال المرئي في المراكز الصحية للرعاية الأولية ووزارة الداخلية.
كما وتوفّر وزارة الإعلام خدمة الترجمة بلغة الإشارة لنشرة الأخبار الرئيسة، كما يقوم مجلسا الشورى والنواب بتقديم خدمة ترجمة الجلسات.
جهود وطنية جبّارة تستحق الإشادة ولكننا نطمح للأكثر.. وأوجه رسالتي بشكل خاص لوزير التربية والتعليم صاحب الإنجازات النوعية في التعليم لاحتضان هذه الفئة والاستماع لهم حتى صمت آذنهم وعجزت ألسنتهم عن الكلام.. فكن أنت المستمع لهم وكن أنت صوتهم.
فقد نقل لي مجموعة من الصم والبكم بأنهم لا يستطيعون مواصلة دراستهم الجامعية إلا في تخصص "الفنون"!!! ولا أعرف الأسباب لتحديد مسار هؤلاء في تخصّص واحد فقط!!! وليس هذا وحسب، بل إنهم يواجهون صعوبة في توظيفهم في القطاع التعليمي بعد تخرجهم من الجامعة رغم أنهم اجتازوا المرحلة الجامعية بنجاح!!!!
رأيي المتواضع
لاشك في أن تمكين ذوي الإعاقة في مختلف مجالات الحياة، وبخاصة في سوق العمل، يعتبر خطوة جوهرية نحو تحقيق المساواة والتنمية الشاملة، حيث إن الأفراد الصم والبكم يشكلون جزءاً مهماً من مجتمعنا، وعلينا ضمان أن تُتاح لهم الفرص الكاملة لتحقيق إمكاناتهم.
وفي رأيي المتواضع، إن ظهور الذكاء الاصطناعي سيسهّل انخراط هذه الفئة بالأعمال بسلاسة وسيضيء أمامهم أملاً كبيراً، حيث إن أحد أبرز التحديات التي يواجهها الأفراد الصم والبكم هو التواصل مع الآخرين في بيئة العمل. وهنا يتجلّى دور الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير تقنيات الترجمة الفورية بين لغة الإشارة والنصوص المكتوبة أو الصوتية. هذا التطور يساعد في إزالة الحواجز اللغوية ويجعل التواصل أكثر سهولة وسلاسة. وقد قمت بالبحث عن الوظائف التي من الممكن أن تشغلها هذه الفئة بمساعدة التكنولوجيا الحديثة فوجدت بأنه يمكن للأفراد الصم والبكم العمل كمطوّري برمجيات، حيث يعتمد هذا المجال بشكل أساسي على البرمجة والتعامل مع الأكواد، ويمكنهم التواصل مع فرق العمل عبر أدوات التراسل الفوري والتواصل المكتوب. كما يمكن للأفراد ذوي الإعاقة السمعية بفضل التقنيات الحديثة وبرامج التصميم المتقدمة والإبداع العمل في مجالات التصميم المختلفة، بالإضافة إلى وظيفة تحليل البيانات حيث يعتمد تحليل البيانات بشكل كبير على القدرة على التفكير النقدي والتعامل مع الأرقام والإحصاءات، وهذا ما يمكن أن يقوم به الأفراد الصم والبكم بكفاءة.
كما يمكن لهؤلاء الأفراد أن يشغلوا وظائف إدارية مثل إدارة المشاريع والتخطيط والتنسيق، باستخدام الأدوات الرقمية التي تسهّل المهام اليومية.
يعمل قانون العمل البحريني في القطاع الخاص على ترغيب أصحاب العمل على توظيف ذوي الإعاقة من خلال اعتبار ذوي الإعاقة مفتاحاً لزيادة نسب البحرنة.. فلِمَ لا يتمّ توظيف الصم في القطاع الحكومي بصورة أكبر؟
إن الدمج الكامل للأفراد الصم والبكم في سوق العمل ليس فقط حقاً إنسانياً، بل هو أيضاً مساهمة كبيرة في تنمية المجتمع والاقتصاد. وبفضل التقدّم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح هذا الهدف أقرب من أي وقت مضى. وعلينا جميعاً أن نعمل معاً لتحقيق هذه الرؤية وبناء بيئة عمل شاملة ومنصفة للجميع.