في البداية أحب ان أوجه كلمة شكر وتقدير لجميع منتسبي هيئة البحرين للثقافة والآثار وعلى رأسهم سعادة الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة رئيس الهيئة على الجهود النوعية الواضحة في فعاليات ليالي المحرق.
النسخة الثالثة من ليالي المحرق بالفعل نسخة استثنائية وهائلة على ما احتوت من تنوع ثقافي في أعرق مدينة من مدن مملكة البحرين أُبرزت فيها أهمية المحرق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً في فترات متعاقبة، وأظهرت أصالة هذه المدينة التاريخية بمواقعها التراثية والمعمارية والامتداد التاريخي للعوائل العريقة التي ترعرعت في فرجان وأحياء مدينة المحرق وأهم الممارسات اليومية والمهنية التي عكف أهالي المحرق على مزاولتها وعلى ما اتسمت المحرق من لحمة وطنية ونسيج اجتماعي عزّزت الترابط والتسامح بين مكونات المجتمع وتميّزت بالغرس الطيب في حب البحرين.
أبرز ما تميّزت به فعالية ليالي المحرق هو التراث الثقافي العريق والأصالة فيما تضمّن من فنون تقليدية مثل الفرق والرقصات الشعبية والموسيقى والأغاني المحلية والخليجية، بالإضافة إلى المأكولات الشعبية مما أتاح للزوّار تجربة النكهات المحلية والأطباق التي تميّزت بها المملكة منذ مئات السنين، وكذلك الأنشطة الترفيهية وتشمل العروض الحية والأسواق الشعبية والمعارض الفنية التي لاقت تفاعلاً كبيراً من الزوّار، فالتفاعل الاجتماعي صورة اظهرها المواطن والمقيم والسائح من مختلف دول العالم خاصة الدول الخليجية.
مدينة المحرق دائماً تجمع محبّي التراث والأصالة، فهي وجهة فريدة لما تتميّز به من تاريخ عريق وهوية بحرينية ولايزال أهلها يحتفظون بالعادات والتقاليد التي تعكس التراث المحلي والهوية الثقافية لمملكة البحرين، منها كرم الضيافة فقد لوحظ بأن الكثير من بيوت المحرق فتحت أبوابها لتقديم الضيافة مجاناً في ليالي المحرق مما ترك أثراً جميلاً للزائر والشعور بالترحيب وبكرم أهل المحرق وحسن ضيافتهم، فالمجتمع المحرقاوي مجتمع حيوي نابض بالحياة يجمع ما بين الإرث الشعبي والنظرة المستقبلية للحداثة والتقدم، فمن أبرز مقومات نجاح ليالي المحرق هو التفاعل الوطني بين أهل المحرق مع هيئة البحرين للثقافة والآثار في إبراز روح البحرين من خلال ليالي المحرق.
فعالية ليالي المحرق أبرزت لنا حجم جهود هيئة البحرين للثقافة والآثار ليس لنجاح الفعالية فحسب، وإنما في الحفاظ على الهوية البحرينية ووضع استراتيجية واضحة في صون التراث المادي وغير المادي والحرص على نقل الوعي والتعاون المجتمعي للحفاظ على الإرث الشعبي من خلال التوثيق والصيانة والترميم ووضع ضوابط تحمي التراث وتمنع التدمير أو التهديدات المختلفة، وكذلك حرص الهيئة على تشجيع الفعاليات الثقافية التي كثيراً ما لامسنا فيها الجهود الوطنية في الحفاظ على التراث البحريني الأصيل التي لاشك بأنها تسهم في تعزيز مكانة المملكة من خلال الحفاظ على التاريخ العظيم للمملكة والإرث الشعبي الممتد منذ أزمنة بعيدة وحضارات متعاقبة، فلهم منا جزيل الشكر والعرفان.