منذ حوالي أسبوع تجتاح ولاية كاليفورنيا الأمريكية وتحديداً لوس أنجلوس - ثاني أكبر المدن فيها - حرائق الغابات التي تسببت في القضاء على ما يقارب ١٢ ألف وحدة سكنية في مساحة تبلغ ٣٧ ألف هكتار (أي بحجم مدينة كبرى) وشردت عشرات الآلاف من السكان. وتعد هذه الحرائق - والتي وصل عددها إلى ٦ تشتعل في آن واحد

في أنحاء مختلفة من المدينة - الأكبر والأكثر شراسة في تاريخ الولاية ولا يعرف حتى الآن تكلفة الضرر الذي تسببت فيه لكن تقديرات أولية تشير إلى خسائر بعشرات المليارات. كما لا يعرف أسبابها ولكن كل التحليلات تربط التغير المناخي والجفاف والرياح الموسمية شديدة السرعة باشتعال الحرائق بهذه الصورة.

وانعكس الغضب من فقدان السيطرة على الحرائق التي مازالت تحصد المرافق والأرواح على عمدة لوس أنجلوس (كارين باس) التي تنتمي للحزب الديمقراطي والتي كانت في زيارة رسمية لغانا في أفريقيا يوم الثلاثاء الماضي وقت اندلاع الحرائق على الرغم من التنبؤات الجوية التي وصلتها وكانت تشير إلى قدوم رياح عاتية تؤدي إلى كوارث طبيعية. وهذا الغضب بدوره تحول إلى فقدان الثقة بالحزب الديمقراطي وممثليه بشكل عام والذين يتم اتهامهم حالياً بالفشل في إدارة المدن الكبرى خاصة من قبل الجمهوريين.

ونعلم أن نائب الرئيس الأمريكي "كاميلا هاريس" قد ألغت زيارتها المقررة للبحرين وسنغافورة وألمانيا لمتابعة وضع الحرائق الخطير في بلادها وهو قرار مفهوم نظراً لما يتعرض له الحزب الديمقراطي من هجوم وانتقادات خاصة في كاليفورنيا، الولاية التي سبق أن مثلتها في مجلس الشيوخ الأمريكي. وواضح أن هاريس من خلال إلغائها لزيارتها الرسمية تحاول أن تبقي على حظوظها في الانتخابات الرئاسية القادمة لذلك تفضل أن تستمر في خدمة مجتمعها في هذه الظروف الاستثنائية بدلاً من السفر كي لا يستغل خصومها أي ثغرة ضدها في المستقبل.

عموماً، الوضع في لوس أنجلوس صعب جداً وحتى دولة بقدرات أمريكا الكبيرة في شتى المجالات تقف عاجزة عن تداركه. ومن خلال ما يصلنا من مشاهد للدمار والخراب التي سببتها الحرائق ندرك تمام الإدراك أن مهما اعتقد البشر أنهم بلغوا أعلى درجات القوة وأنهم أصحاب ثراء وذكاء فإن خالقهم سبحانه وتعالى هو الأقوى والأكبر والأعظم ويرينا عجائب قدرته في كل مكان وزمان كي نخشاه ونتعظ ونؤمن به، فسبحان القائل (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).

ولا يسعنا في نهاية هذه السطور سوى أن نتمنى السلامة والعافية لأهالي لوس أنجلوس وأن تمر هذه الكارثة بدون خسائر كبيرة في الأرواح.