مع تزايد عدد الرسائل النصية التي نتلقّاها يومياً، سواءً من إعلانات ترويجية أو معلومات عامة أو حتى رسائل مزعجة، قد تضيع الرسائل المهمة وسط هذا الكمّ الكبير. ومن أبرز الأمثلة على ذلك رسائل البنوك التي تحمل تنبيهات مهمة لكل معاملة مصرفية. ورغم دور هذه الرسائل في إتاحة قدر عالٍ من الشفافية والأمان وضمان عدم تفويت أي نشاط مصرفي، إلا أن التطورات التقنية السريعة دفعت إلى التساؤل عمّا إذا كانت هناك بدائل أكثر ملاءمة وأقل كلفة.

لا تزال الرسائل النصية خياراً عملياً وسريعاً بالنسبة لشريحة واسعة من العملاء الذين يفضلون الاطمئنان الفوري على حساباتهم دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت. لكن مع مرور الوقت، تضخّمت التكاليف التشغيلية التي تتحملها البنوك نظير إرسال ملايين الرسائل شهرياً، مما يمكن أن يدفعها إلى البحث عن وسائل تقلل العبء المالي وتساعد على تخصيص ميزانيات أكبر للابتكار وتطوير الخدمات الرقمية. وفي هذا السياق، برزت تطبيقات الهواتف الذكية لتلبية احتياجات الأمان والمرونة، إذ يمكن تفعيل الإشعارات الفورية فيها بأقل كلفة ممكنة للبنك، وبدرجة حماية أعلى للمستخدم عبر قنوات مؤمَّنة يصعب اختراقها مقارنة بالرسائل القصيرة.

ومن هنا، يمكن أن نطرح السؤال على البنوك: هل هي مستعدة لأن تبادر بتشجيع العملاء على تبني البدائل الرقمية عبر تقديم مكافآت أو حسومات أو مزايا إضافية لمن يفعّلون الإشعارات عبر التطبيقات أو البريد الإلكتروني؟ ورغم أنّ هذه الخطوة لا تزال في طور الاقتراح أكثر منها ممارسةً منتشرة، فإنها قد تُحدث نقلة نوعية في طريقة تواصل البنوك مع عملائها، وتُشجّع المزيد منهم على ترك الرسائل النصية التقليدية. وقد تكون هذه الفكرة مجرد كلمات في مقالة سوالف تقني، لكنها في الوقت نفسه قد تتيح للبنوك تخفيف تكاليف الرسائل الورقية والقصيرة، وتحويل جزء من هذه الوفورات المالية إلى برامج تحفيزية تعود بالنفع على العميل، مثل خصومات على بعض الرسوم أو منح نقاط في برامج الولاء. وهكذا، يمكن خلق حلٍّ متوازن يضمن تحقيق وفورات تشغيلية للبنك ويمنح العميل حوافز تجعله ينخرط بشكل أكبر في القنوات الرقمية الآمنة.

ورغم أن التطبيقات الذكية خيار مثالي لفئة كبيرة من المستخدمين، إلا أنّ هناك عملاء لا يزالون يفضّلون الرسائل النصية لأسباب مختلفة، مثل عدم توفر الإنترنت بشكل دائم أو عدم رغبتهم في التعامل مع التقنيات الجديدة. لذلك، من الصعب القول إن الرسائل النصية ستختفي تمامًا في المستقبل القريب، وقد تبقى خيارًا احتياطيًا لدى بعض العملاء، بينما تستمر الحلول الرقمية في الصدارة.

وبينما تواصل البنوك مساعيها في تقديم ابتكارات تقنية تمنح تجربة مصرفية أفضل، وأكثر كفاءة وأماناً لجميع الأطراف، فهل نرى هذه التجربة التشجيعية قريباً؟ في نهاية المطاف، سيظل العميل هو صاحب القرار لاختيار الوسيلة الأقرب لاحتياجاته وأسلوب حياته، بينما تسعى البنوك لتطوير خدماتها وعروضها حتى تواكب عصر التحوّل الرقمي وتحقّق أقصى منفعة للجميع.