في حديث شخصي مع صاحبة السمو أم سمو الشيخ ناصر ذات يوم، أخبرتني سموها عن أهمية التعليم المبكّر، قائلة سموها إن "رعاية البذرة تستغرق جهداً أكثر من رعاية الشجرة".

ولأن كلام الكبار لا يجب أن يمر مرور الكرام، ظلّت هذه العبارة عالقة في ذهني، فكما قيل إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، وهو أبقى وذو أثر أكبر، وهذا ما يوضّح أهمية التعليم المبكّر، وأهمية الاستثمار الأمثل فيه لضمان مستقبل باهر لبحريينا الغالية التي تَعتبر الإنسان البحريني محور وأساس التنمية.

وإيماناً من صاحبة السمو أم سمو الشيخ ناصر افتتحت سموها "روضة أم ناصر النموذجية"، وجعلت أبوابها مفتوحة للأيتام وذوي الدخل المحدود، لكي توفّر تعليماً مبكراً قوياً في مرحلة ما قبل المدرسة، لإيمان سموها العميق بأهمية حق التعليم وإيمان سموها "بسواسية التعليم المبكر"، لما للتعليم المبكّر من أهمية قصوى في تنشئة الطالب ومستواه التعليمي وتشكيل شخصيته في المستقبل. وها نحن نشهد خطوة أخرى تمثّل طفرة تعليمية على مستوى التعليم المبكّر في افتتاح "مؤسسة أم ناصر الفنلندية للتعليم المبكّر" وفق النموذج الفنلندي في التعليم المبكّر كأول حضانة وروضة من نوعها في مملكة البحرين.

وللتأكيد على أهمية قطاع التعليم المبكّر خصّصت حكومة مملكة البحرين قطاعاً خاصاً معنياً بالطفولة، والذي يعتبر المرحلة التأسيسية لتنشئة الطفل واللبنة المهمة في بناء الأجيال وفق أُسس سليمة، ووضعت هذا القطاع تحت إشراف ومتابعة وزارة التربية والتعليم، وتنضوي تحت مظلتها مؤسسات التعليم المبكّر البالغ عددها وفق آخر إحصائية منشورة على وكالة أنباء البحرين 258 مؤسسة بينها 93 دُور حضانة و165 روضة أطفال، لتصبح مسؤولية الرقابة والأشراف عليها تابعة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن كانت تخضع لرقابة ومتابعة وزارة التنمية الاجتماعية، ولتصبح العملية التعليمية الخاصة متّصلة منذ طفولته المبكّرة ببقية مراحل التعليم المدرسية المختلفة تحت إشراف مؤسسة حكومية واحدة تخطيطاً وتنفيذاً، كما بلغ عدد الأطفال المسجّلين ما يقارب 32 ألف طفل بحسب آخر الإحصائيات، وهذا ما يؤكد وعي الأُسر في ضمّ أبنائهم لمرحلة التعليم المبكّر على الرغم من عدم مجانيته كباقي المراحل التعليمية الأساسية.

رأيي المتواضع:تعود بي الذاكرة للزمن القريب، وأنا أقوم برحلة بحث شاقة عن تعليم مبكر لأبنائي، مكان مختلف يتناسب مع تطلعات المستقبل، مكان غير تقليدي يوفر أفضل الممارسات العالمية في مجال التعليم المبكر، مكان عالمي بنهج وطني. كل هذا وأكثر تجدونه حاليا متمثل في مشاريع "ام ناصر للتعليم المبكر"، فشكرا لسمو الشيخة "ام ناصر" على فكرها الثاقب في مجال تقديم خدمات تعليمية مميزة في مجال التعليم المبكر من دور الحضانات ورياض الأطفال ليتماشى مع الرؤى الوطنيّة، لتنشئة جيل واعٍ يعتّز بهويّته، ويجد فرصًا مثمرة لتنمية إمكانياته، وتشكيل مهاراته المعرفية، والاجتماعية، والوجدانية، وتأسيس قيمه الأخلاقية والوطنية، والتي بدورها تساعده مستقبلاً على النجاح وتنعكس إيجاباً على التنمية الوطنية.