على الرغم من التغيير المفاجئ لموعد القمة الطارئة في القاهرة المعنية ببحث مستجدات الأوضاع في غزة، إلى مارس المقبل، وما صاحب ذلك من تفاجؤ واستياء البعض من توقيت التأجيل، وأسبابه، إلا أن هذا التأجيل حمل فيما بعد تطورات هامة، تتعلق بتعزيز الجهود العربية المشتركة، والداعمة للقضية الفلسطينية، وتطورات الأوضاع في قطاع غزة، خاصة قضية تهجير الفلسطينيين منه.
ولعل الاجتماع العربي المصغر أو اللقاء الأخوي التشاوري الذي عقد في الرياض، برئاسة سمو ولي العهد السعودي، قد حمل تفاهمات وتصورات أساسية للقمة العربية الطارئة، وهذه النوعية من اللقاءات الأخوية تُعد هامة جداً، لوضع إطار تفاهمي مشترك بين الدول العربية، ومواجهة التحديات المستقبلية بثبات وقوة، ودون انقسامات، والتنسيق أكثر لتوحيد الجهود فيما بينها، وبالتالي الوصول إلى نتائج إيجابية مرضية، وهذا ما تحتاجة بالضبط القضية الفلسطينية، وتحديداً تحديات تهجير أهلها من قطاع غزة.
صحيح أن نتائج هذا الاجتماع أو اللقاء الأخوي التشاوري لم تُعلن، مما أعطى ذلك الفرصة لمن يريد الاصطياد في الماء العكر، للادعاء أن ذلك دليل على عدم تفاهم الدول العربية، وعدم وصولها إلى رؤية موحدة بشأن تطورات الأوضاع في غزة، ولمثل هؤلاء نقول إن تطورات الأوضاع في غزة متسارعة ومتغيرة وأيضاً شائكة، ومتطلبات التنسيق والتفاهم بين كل الدول العربية يستدعي معها جهوداً جبارة جداً، قد لا يكفيها اجتماع واحد للخروج برؤى موحدة بينها جميعاً، بل يتطلب أكثر من اجتماع.
ولكن حتى تصل الدول العربية إلى المطلوب، فلابد من الإكثار من تلك اللقاءات الأخوية التشاورية، خاصة في هذه الفترة، لتقريب وجهات النظر أكثر فيما بينها، وإزالة أي عوائق أو خلافات، أو الاتفاق – على الأقل - على تنحيتها جانباً، إلى أن تنتهي قضية غزة، والتحديات المتعلقة فيها، والتي لا تشمل فقط تهجير أهلها منها، وإنما أيضاً تصورات لإعمارها، ومصادر تمويل هذا الإعمار، ومستقبل حركة «حماس» في القطاع، ناهيك عن بحث التزمت الإسرائيلي المستمر ضد غزة، وموقف الرئيس الأمريكي الغريب بشأن أهلها والفلسطينيين عموماً، فكل تلك التحديات وغيرها تتطلب التنسيق أكثر بين الدول العربية لترتيب أولوياتها بشأن مستقبل قطاع غزة.
وأخيراً، إن ما ما تبذله الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية من جهود جبارة وملحوظة وحرص تام على لم شمل العرب ولقاءاتهم على أرضها المباركة من أجل تبادل وجهات النظر تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، خاصة الجهود المشتركة الداعمة للقضية الفلسطينية، وتطورات الأوضاع في قطاع غزة، كل تلك الجهود يستدعي معها الشكر والثناء لدور المملكة الكبير، والتي نرجو أن تكلل بالنجاح التام، لما فيه الخير والصلاح للقضية الفلسطينية، خاصة للأشقاء في غزة.