لا تمر مناسبة صحفية إلا ولحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظّم، حفظه الله ورعاه، فيها موقف راسخ يؤكد اعتزازه العميق بدور الصحافة البحرينية ومسؤوليتها الوطنية.
واليوم، بمناسبة احتفال جمعية الصحفيين البحرينية بيوبيلها الفضي، يتضح هذا الموقف جلياً في استقبال جلالته للصحفيين في قصر الصافرية، في مشهد يعكس مكانة الصحافة البحرينية في وجدان جلالته، ويُبرز دورها المحوري في خدمة الوطن، وصون هويته، وتعزيز وحدته الوطنية، وإبراز منجزاته الحضارية والتنموية.
ولعل ما يميّز هذا اللقاء التاريخي في قصر الصافرية هو تأكيد جلالته على فخره الكبير بالشباب البحريني وعطائهم المتميّز في مختلف المجالات، ومن ضمنها الصحافة والإعلام، وهو ما يجسّد ما تتميّز به البحرين من ريادة في ميادين الثقافة والحضارة والعلوم.
هذا اللقاء لم يكن مجرّد احتفاء بمرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيس الجمعية، بل محطة تؤكد أن الصحافة ليست فقط مهنة، بل شريك رئيس في بناء الوعي الجمعي، ونقل الرواية الوطنية، وحفظ الذاكرة البحرينية.
كلمات جلالته، حين قال: «التوثيق هو الذي يحفظ الذاكرة للأجيال القادمة، ويوثّق منجزاتنا، ويخلّد حضارة البحرين»، تعكس رؤيةً استراتيجيةً ترى الإعلام أداةً لصون تاريخ المملكة، وتأكيداً على أهمية دوره في إبراز مكتسبات الوطن ومكانته المرموقة.
وفي ظلّ العهد الزاهر لجلالته، الذي يشهد تحولات نوعية في مختلف القطاعات، تتعزّز مسيرة الصحافة البحرينية برؤية ملهمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي أكد في رعايته لحفل جائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة أن الصحافة الوطنية شريكٌ أصيل في البناء والتطور، ومنصةٌ داعمة لتحقيق الإنجازات على مختلف الصُعد التنموية، بما يترجم رؤى وتطلعات جلالة الملك المعظّم.
رؤية سموه تؤكد أنّ الأقلام الوطنية والكلمة المسؤولة تُسهم في تعزيز الوعي المجتمعي وإيصال الرسائل البنّاءة التي تخدم الأهداف الوطنية الكبرى، وتجعل من الصحافة البحرينية منبراً للرقابة البنّاءة والتحليل العميق.
وجاء فوز صحيفة الوطن بجائزة أفضل موقع أو حساب إلكتروني للمؤسسات الصحفية ليؤكد أن الصحافة البحرينية قادرة على تحويل التحولات الرقمية إلى فرص، وعلى مواكبة التطور التكنولوجي برؤية استراتيجية واضحة. هذا الإنجاز يعكس وعياً متقدّماً لدى إدارة الصحيفة بأهمية أن يكون الإعلام البحريني في صلب المشهد الإقليمي والدولي، ناقلاً لصوت المملكة الحضاري، ومواكباً لمتطلبات العصر.
وفي عصر تتسارع فيه تطورات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لم يعد ممكناً الحديث عن صحافة وطنية دون الحديث عن صحافة رقمية متقدّمة تواكب التحولات، وتحافظ على الهوية والمبادئ، وتعكس صورة البحرين المشرقة. وهنا تتجلّى رؤية سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، التي تؤكد على تطوير الإعلام الوطني ليكون أكثر رشاقة وابتكاراً، وأكثر قدرة على استخدام أدوات العصر الحديث لمواجهة التحديات، مع تمكين الكوادر الإعلامية الوطنية، وصقل مهاراتهم المهنية، وتوسيع حضورهم الإقليمي والدولي.
واليوم، ومع احتفالات جمعية الصحفيين بيوبيلها الفضي، وفوز «الوطن» بهذه الجائزة المرموقة، تتضح الرسالة: الصحافة البحرينية مطالبة بأن تتجاوز دورها التقليدي إلى أن تكون أكثر تأثيراً، قادرة على التحليل العميق، والابتكار المستمر، وتبنّي الأدوات الرقمية بذكاء ومسؤولية.
فالمستقبل لا ينتظر المتأخرين، وإنما يُبنى على أكتاف من يدركون أن الإعلام ليس فقط توثيقاً للحاضر، بل صناعة لرؤية الغد.
في حضرة القائد، ومع أبناء البحرين الأوفياء، سنظلّ نكتب التاريخ، نحفظ ذاكرة الوطن، ونبني معاً إعلاماً عصرياً متجدّداً، يعكس طموحات المملكة، ويجسّد رؤيتها الحضارية المتقدّمة.
عبدالله إلهامي