في لوحة روحانية عنوانها الانضباط والدقة، رسمت مملكة البحرين هذا العام واحدة من أنجح مشاركاتها في مواسم الحج، حيث بدا وفد الحجاج كأنموذج يُحتذى به في جودة التنظيم وسلاسة الأداء، ما يعكس جهداً مؤسسياً متكاملاً.
هذا التميّز لم يكن ليتحقق لولا التوجيهات السامية والمباشرة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، حفظه الله، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حيث كانت العناية الملكية بموسم الحج حاضرة في كل تفاصيل التخطيط والتنفيذ. فقد شكّلت توجيهات القيادة الرشيدة مظلة دعم أساسية، ضمنت توفير أفضل الخدمات للحجاج، وأكّدت حرص الدولة على أن يعيش الحاج تجربة إيمانية مفعمة بالأمان والطمأنينة.
فوفقاً للتوجيهات لم يقتصر دور وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على مجرد إشرافٍ إداري، بل كانت روح الفريق النابض في كل تفاصيل العملية التنظيمية. فلم تدّخر، جهداً في تقديم كل ما يضمن راحة الحجاج وسلامتهم وأداء مناسكهم بطمأنينة فخطط التنظيم وضعت بعناية فائقة، مستندة إلى خبرات متراكمة واستراتيجيات مدروسة تم تحديثها بما يتوافق مع المتغيرات والمستجدات، حيث لعبت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف دور القائد الذي يوجه السفينة نحو بر الأمان، بمزيج من الحكمة والحرص والمتابعة الدقيقة. عبر تشكيل لجان متخصصة لمتابعة مختلف جوانب الرحلة، بدءاً من الترتيبات اللوجستية، مروراً بالإرشاد الديني، وانتهاءً بخدمات الرعاية الصحية والتواصل مع الجهات السعودية المختصة.
هذه المنظومة المتكاملة انعكست إيجاباً على شعور الحجاج الذين وصفوا رحلتهم بـ«الاستثنائية»، لما حظوا به من عناية فائقة وتنظيم منضبط. وأشاروا إلى أن ما ميّز تنظيم هذا الموسم هو الدقة والاهتمام بأبسط التفاصيل، سواء في التوزيع الزمني للأنشطة، أو الاهتمام بمواقع السكن، ووسائل النقل الحديثة، وتوفير طواقم طبية ووعظية متخصصة، كلها عوامل رفعت من مستوى الرضا العام لدى الحجاج. بل إن الاهتمام تجاوز الجانب المادي إلى الروحي، من خلال توفير برامج إرشادية دينية تُبث عبر تطبيقات ذكية، ما ساعد في التخفيف من الاستفسارات الطارئة، وساهم في تعزيز الوعي الشرعي بأحكام المناسك.
كنت هذا العام من بين الحجاج مع حملة «الفجر»، واستشعرت عن قرب حجم التنظيم والاهتمام بسلامة الحجاج والتواصل على كافة المستويات مع الحملات لتأمين الحجاج وتيسير حجهم وعودتهم في أمان. وقد شاهدت ذلك جلياً في الإشادة المجتمعية والشهادات الميدانية هذا العام عبر التفاعل الكبير من قِبل أهالي الحجاج والمجتمع حول مستوى التنظيم، حيث امتلأت المنصات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي بعبارات الشكر والثناء للجهود المبذولة.
كما أشار عدد من الحجاج إلى شعورهم بالأمان والفخر بالانتماء لهذا الوطن الذي يضع خدمة المواطن على رأس أولوياته، وظهر ذلك جليا في أقدس البقاع وأشرف المناسك. كما استمرّ الاهتمام الملكي بالحجاج حتى بعد أداء المناسك حيث أجرى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه، الله ورعاه، اتصالاً هاتفياً مع فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان، رئيس بعثة مملكة البحرين للحج، اطمأنّ جلالته خلاله على أحوال الحجاج البحرينيين بعد أداء مناسك حجهم، سائلاً المولى أن يتقبل من الحجاج طاعتهم.
لقد سجلت البحرين نقطة مضيئة جديدة في سجل مشاركاتها في مواسم الحج. ويبدو أن هذا النجاح، الذي أتى بتخطيط حكيم وتنفيذ متقن، ليس إلا تمهيداً لمزيد من النجاحات القادمة.
إنه موسم حج لهذا العام سطر بحروفٍ من نور.
* أستاذ الإعلام الرقمي المساعد