في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، يشهد القطاع الصحي ثورة رقمية غير مسبوقة تعيد تشكيل أساليب التشخيص والعلاج وإدارة الرعاية الصحية. فقد أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم حلول مبتكرة للتحديات المزمنة التي يواجهها هذا القطاع، مثل ضغط العمل على الأطباء، وتعقيد الإجراءات الإدارية، والحاجة إلى دقة أكبر في التشخيص والفوترة.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، ظهرت مجموعة من الابتكارات التي تُجسّد الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في الطب، سواء من خلال أتمتة المهام الروتينية، أو تعزيز الكفاءة التشخيصية، أو تسريع البحث العلمي، أو توسيع نطاق الوصول إلى رعاية صحية عالية الجودة. وفيما يلي عرض لأبرز هذه التطبيقات التي طورتها شركات ومؤسسات رائدة والتي تمثل نقلة نوعية في مستقبل الرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
- Ambience:تستخدم Ambience الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملاحظات طبية بشكل فوري أثناء قيام الأطباء بتسجيل زياراتهم مع المرضى بموافقتهم. استعانت الشركة بأدوات من OpenAI لبناء النموذج الجديد.تتنافس Ambience في سوق شديد التنافسية ازدهر في ظل بحث مدراء قطاع الرعاية الصحية عن حلول لتقليل الإرهاق المهني والعبء الإداري المتزايد.يستطيع النموذج الجديد من Ambience الاستماع إلى تفاعلات الأطباء مع المرضى وتحديد رموز ICD-10، وهي تصنيفات معيارية دولية للأمراض والحالات الطبية. ويوجد حوالي 70,000 رمز ICD-10 يتم تحديثها بانتظام وتُستخدم لتسهيل عمليات الفوترة والتقارير الأخرى في قطاع الصحة.ذكرت Ambience أن نموذجها الجديد يمكن أن يقلل من أخطاء الفوترة ويساعد الأطباء والمبرمجين الطبيين المحترفين على العمل بكفاءة أعلى، وقد حقق النموذج «تحسناً نسبياً بنسبة 27% مقارنةً بمقاييس أداء الأطباء.
- City of Hope:قامت مؤسسة City of Hope، وهي مركز وطني لعلاج السرطان، بتصميم وتدقيق وتحسين منصة ذكاء اصطناعي توليدي، تعتمد على بياناتها الواسعة في مجال الأورام وخبرتها المتخصصة.التطبيق، المسمى HopeLLM، يزيل العبء الإداري المتعلق بإدخال المرضى الجدد، ويطابق المرضى مع التجارب السريرية المناسبة، ويوفر ردوداً توليدية مخصصة بناءً على سجلات المرضى الفردية، ويستخلص بيانات حقيقية لأغراض البحث العلمي. يعزز HopeLLM من تجربة المرضى ومقدمي الرعاية، ويسرع الأبحاث الرائدة، ويوسع نطاق الوصول إلى رعاية سرطانية عالمية المستوى، مما يساهم في إنقاذ الأرواح.
- Microsoft:كشفت Microsoft عن نظام ذكاء اصطناعي يُظهر أداءً أفضل من الأطباء البشريين في تشخيصات صحية معقدة، واصفةً إياه بأنه «مسار نحو الذكاء الطبي الفائق».تعاونت Microsoft مع نموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم o3 من OpenAI، وتمكنت من «حل» أكثر من 8 من أصل 10 حالات طبية تم اختيارها بعناية لهذا التحدي التشخيصي. أما الأطباء الذين تمت تجربتهم في نفس الحالات -دون الرجوع إلى زملاء أو كتب أو روبوتات دردشة- فكانت نسبة نجاحهــم حالتيـــن فقط مـــن أصل 10.هذا التطور يفتح المجال لتغير جذري في سوق الرعاية الصحية. فبينما يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي العام (AGI) إلى أنظمة تُضاهي القدرات المعرفية البشرية، فإن «الذكاء الفائق» يُستخدم للإشارة إلى أنظمة تتفوق على الأداء الذهني البشري في جميع المجالات.
- Alpha Genome:طور فريق Google DeepMind في لندن نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه مساعدة العلماء في فهم ما يسمى بـ«المادة المظلمة» في الجينوم، ومعرفة كيف يمكن أن تؤثر على الأمراض مثل السرطان وتفسير دورها في آلية عمل الخلايا.يعتمد النموذج، المسمى sequence to function، على تحليل تسلسلات طويلة من الحمض النووي DNA ويتنبأ بخصائص متعددة، مثل مستويات التعبير الجيني وكيف يمكن أن تتأثر هذه المستويات بالطفرات.فهم وظائف تسلسل الحمض النووي أصعب من تحديد الشكل ثلاثي الأبعاد، كما في نموذج AlphaFold، لأن تسلسلاً واحداً من الحمض النووي قد يكون له أدوار متعددة ومترابطة – من جذب آلات خلوية معينة للالتصاق بجزء من الكروموسوم وتحويل الجين القريب إلى جزيء RNA، إلى جذب عوامل نسخ بروتينية تتحكم في متى وأين وبأي مستوى يتم التعبير عن الجين.