عندما تكون الزيارات مؤثرة وفاعلة في المشهد الاقتصادي والأمني حينها تكون ضرورة لا ترفاً، فبعيداً عن كافة أشكال البروتوكولات جاءت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأمريكية في توقيت بالغ الأهمية على المستويين الإقليمي والدولي، فبالإضافة إلى الشراكة في المجالات الأمنية والدفاعية يأتي الاقتصاد كعنصر رئيس في الملفات التي تمت مناقشتها والتوقيع من خلالها على العديد من الاتفاقات التي ستخدم مصالح الشعبين، فبالإضافة إلى الدور الإقليمي والفاعل للبحرين في قضايا السلام وضمان الحريات والاستقرار، فإن التوجّه الذي يقوده سمو ولي العهد في الجانب الاقتصادي ورؤية سموه للمستقبل يحتّمان تجديد الشراكة الاستراتيجية والتي من خلالها تمّ التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى، وهو الأمر الذي يعكس توجه البحرين إلى تنويع مصادر الدخل وبالتالي منافع مباشرة على المواطنين.

هنا تتحدث الأرقام بلغة تلامس المواطن بشكل مباشر، فعندما تنتقل التكنولوجيا والخبرات إلى الكوادر البحرينية ستحفّز القطاع الخاص للتوسّع والدخول في الأسواق الأمريكية والعالمية وبالتالي ستنتج فرص عمل جديدة نتيجة هذا التحفيز الذي سيطال الاقتصاد الوطني، وسيؤدي أيضاً إلى انخفاض في تكاليف بعض السلع والخدمات، لذا فإن الاتفاقيات الاقتصادية هي امتداد واقعي للتعاونات المستمرة والقائمة في مجالات الأمن والدفاع، الأمر الذي يؤكد على رؤية البحرين الاقتصادية المرتكزة على الاستدامة والتنافسية والعدالة عن طريق جذب الاستثمارات العالية الجودة وبناء اقتصاد مبنيّ على المعرفة والتقنيات الحديثة.

إن كافة الاتفاقيات التي تمّ توقيعها لم تكن مجرّد عناوين سياسية، بل بوابة حقيقة تلامس حياة المواطنين وتفتح آفاقاً جديدة للشباب البحريني للدخول في الأسواق العالمية، واللافت في تلك الزيارة التي حظيت بتغطية واسعة هو قدرة البحرين بسياسة سمو ولي العهد بالتحول الذكي من تحالفات تقليدية قائمة على البعد الأمني والعسكري إلى تحالفات من نوع آخر تقوم على الاقتصاد والتكنولوجيا والتنمية البشرية، وهذا ما يوضح أولويات المملكة في رؤيتها المبنية على الواقعية، وكأن لغة الأرقام تتحوّل إلى عنوان رئيس مفاده العلاقات الثنائية ليست شعارات، بل مشاريع حقيقية تخلق الفرص وتغيّر الواقع، فالتحالفات التي تُبنى على الواقع والمصالح المشتركة تبقى وتزدهر وتنعكس في الوقت ذاته على الشعوب.