على خارطة العالم تشير صفحات التاريخ إلى مملكة البحرين كلؤلؤة تتلألأ في قلب الخليج العربي لكن في معادلات القوى السياسية والاقتصادية والتنموية الحديثة ومع تحولات الزمن أثبتت أنها ليست مجرد درة الخليج، بل تمثل جبلاً راسخاً لا يستهان به، جبل في السياسة ثابت في الاقتصاد شامخ في التنمية واليوم عندما يتجه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن فزيارته تحمل خارطة طريق لهندسة مسارات جديدة في مجالات الدبلوماسية والاقتصاد والتنمية والتكنولوجيا والاتصالات، وتلفت أنظار العالم إلى أن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر قائداً يعبر المستقبل، ويهندس واجهة جديدة من التحالفات والشراكات الاقتصادية التاريخية.
فقبل أكثر من أسبوع مضى كانت العناوين البحرينية الأمريكية تتصدر مخرجات زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حيث لم تكن الزيارة مجرد لقاء دبلوماسي عابر محكم بالبرتوكولات، بل مشروعَ تنمية مستدامة ضخماً للغاية يوضح طموح مملكة البحرين ومسارها نحو خلق فضاءات جديدة في أن تكون مملكة البحرين شريكاً اقتصادياً حيوياً لها وزنها وثقلها في المشهد العالمي، فهذه الزيارة التاريخية تجسد محطة مفصلية لرسم ملامح اقتصاد جديد لمملكة البحرين لترسيخ مكانتها في المشهد الاقتصادي الدولي وتوظيف الشراكات الاقتصادية والصناعية لخلق فرص تنموية وجعل مملكة البحرين قصة نجاح اقتصادية.
ومما لفت أنظار العالم والرأي العام الدولي مقطع سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض حيث وجد المقطع تفاعلاً كبيراً بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حين قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي سابقة نادرة بتجاوز الأعراف البروتوكولية الأمريكية واستقبال سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء فور وصوله إلى البيت الأبيض، وقبل نزول الموكب الرسمي من السيارة عند باب الجناح الغربي حيث بروتوكولياً لم يحدث في التاريخ أن يستقبل الرئيس الأمريكي شخصاً إلا رؤساء دول، أو في زيارات رسمية من أعلى مستوى، لكن ترامب تعمد القيام بهذه الحركة احتراماً لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ولإيصال رسالة تقدير عن مدى المكانة التي تحظى بها مملكة البحرين في الولايات المتحدة الأمريكية وهو مشهد يجسد العلاقات التاريخية المتجذرة ما بين المنامة وواشنطن، والتي تمتد لأكثر من 130 عاماً كما قال ترامب خلال لقائه بسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: «جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة شخصية تحظى بالاحترام الكبير في منطقة الشرق الأوسط، وفي العالم»، وهي شهادة فخر واعتزاز بالتأكيد في أن تصدر من رئيس أكبر دولة في العالم تجاه ملك مملكة البحرين.
ولابد هنا أن نؤكد أن الزيارة، وإن ارتكزت على تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية، لكنها بالتأكيد حملت كذلك رسائل من مملكة البحرين في دعم الجهود الدولية لترسيخ السلام وتثبيت دعائم الأمن الإقليمي والدولي فالاتفاقية الثلاثية الشاملة للتكامل الأمني التي انضمت إليها المملكة المتحدة الصديقة مؤخراً بناء على الدعوة التي تلقتها من مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية أرست دعائم البدء في بناء إطار شامل للتكامل الأمني والازدهار حيث هذه الاتفاقية تعمل على تعزيز الردع المتبادل ضد التهديدات الخارجية وتوسيع التعاون في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا لدعم السلام والازدهار في الشرق الأوسط، كما أن إعلان الحزمة الاستثمارية، والتي تبلغ قيمتها نحو 17 مليار دولار أمريكي، والتي تشتمل على العديد من الاتفاقيات وإعلانات التعاون في مجالات الطيران والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار، وذلك في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في القطاعات الرئيسية بين البلدين إلى جانب التعاون في مجال الطاقة النووية فمثل هذه الشراكات الاستراتيجية وتحديدا فيما يخص الشراكة الاقتصادية ستعمل على فتح فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري بين كل من مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية وبالتأكيد سوف ينعكس ذلك إيجابياً على الاقتصاد البحريني سواء في الداخل البحريني أو حتى على مستوى الاستثمارات الاقتصادية البحرينية في المنطقة كما من عناوين حزمة الاتفاقيات التي تمت أن شركة سيسكو سيستمز ستوفر حلولاً تقنية لشبكة المعلومات والاتصالات الحكومية إلى جانب وضع الخطط لإنشاء كابل ألياف ضوئية بحري بطول 800 كيلومتر يربط البحرين والسعودية والكويت والعراق بالشبكات العالمية كما تم إبرام اتفاق تعاون استراتيجي بقيمة ملياري دولار أمريكي بين شركة ممتلكات البحرين القابضة وعدد من الشركات الأمريكية بهدف خلق فرص عمل في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم.
أما أكثر عنوان بارز ولافت حصل على تفاعل من أوساط الرأي العام الإقليمي والدولي إعلان إطلاق رحلات جوية مباشرة بين البحرين ومدينة نيويورك وهذه المشاريع تؤكد ما ذكره سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أن مملكة البحرين تواصل ترسيخ مكانتها كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة بفضل منظومتها التشريعية المتقدمة وبيئة الأعمال المنفتحة، بالإضافة إلى اتفاقيات تجارية دولية مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة؛ مما يجعل المملكة منصة مثالية للشركات الأمريكية نحو أسواق المنطقة الأمر الذي سيكون له انعكاساته الاقتصادية الإيجابية على مستوى منطقة الخليج والوطن العربي.
ما تم خلال هذه الزيارة التاريخية يؤكد أن مهندس الاقتصاد البحريني سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله فتح فصلاً جديداً من تاريخ العلاقات البحرينية الأمريكية تتجه نحو الاستثمار الصناعي والدبلوماسية الاقتصادية وأن مملكة البحرين لها وزنها الكبير في إقامة جسر جديد من الشراكات الاقتصادية والتنموية مع قوة كبرى كأمريكا، وأن التنمية البحرينية لم تعد مرتبطة فقط بنطاق محلي محدود إنما تتجه نحو خلق مشاريع إقليمية ودولية متكاملة تواكب التحول الرقمي والتطور التكنولوجي وتنويع مصادر الدخل، وأن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يتحرك نحو خلق تحولات قادمة في واجهة البحرين الاقتصادية والتي تتجه نحو تطوير قطاعات الطاقة والتقنية والاستثمار الاقتصادي والصناعات، وهذا النموذج الاقتصادي الحديث الذي يحرص عليه بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مواكبةً مع سرعة إيقاع التحولات المفروضة علينا ومن حولنا.