انطلقت قبل أكثر من أسبوع حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى تبليك المشاهير تحت شعار «حملة تبليك المشاهير»، وهي حملة تدعو إلى إلغاء متابعة المشاهير «مشاهير الفلس» الذين يقومون بصناعة محتويات غير حقيقية، وتصور الحياة بشكل يسوق الوهم واستغلال الجمهور لبناء ثروات طائلة والحصول على مكتسبات على حساب خداع متابعينهم؛ حيث إن القائمين على هذه الحملة وجدوا أن هناك ثقافة سلوك شرائية بدأت تنتشر عند الأطفال والمراهقين من قبل هؤلاء المشاهير الذين يتعمدون توجيه جمهورهم تقوم على التسويق لمنتجات وشرائها دون الجودة التي يدعونها بل هناك منهم يقوم بالترويج لمنتجات، لكنهم دون وعي وانتباه عندما يقومون بتصوير المنتجات التي يستخدمونها في خزاناتهم لا تكون موجودة تلك التي أعلنوا عنها، بل منتجات أخرى كما أن الحملة تقوم على التصدي لمظاهر الرفاهية والسفرات الفاخرة والمقتنيات الباهظة والحياة المخملية التي يتعمدون على تصويرها؛ مما يزرع الإحباط في نفوس المراهقين والشباب، ويخلق صورة غير واقعية عن النجاح ونمط الحياة اليومية.

هذه الحملة للعلم ليست أول حملة إلكترونية تقوم على نفس المبادئ والقيم تظهر وكثير من الحملات التي ظهرت على مر السنين للأسف الشديد، رغم الجهود الكبيرة التي يقدمها القائمون عليها في توعية الأطفال والمراهقين، إلا أنه لا تستمر ولا تحقق النتائج المرجوة منها لعدة أسباب منها:

أولاً، ثقافة السلوك الإلكتروني مترسخة لدى هذه الفئات منذ نشأتهم وفق قناعات ونمط حياة صعب، ويكاد يكون مستحيل تغييرها بين يوم وليلة فوجهة النظر من السهل تغييرها، لكن تغيير القناعات يحتاج سنوات طوال.

ثانياً، الشريحة الكبرى المتفاعلة لا المتلقية فقط في ساحة السوشيال ميديا هم من شريحة الأطفال والمراهقين، وهؤلاء من الصعب أن يتجاوبوا مع أي حملة إلا إذا نزلت لمستوى عقولهم، واصطادت طريقة تفكيرهم ومدى استيعابهم وفهمهم، وأن تكون قادرة على إيصال الرسالة لهم باللغة والطريقة التي يفضلونها والأهم أن يفهموا لما من المهم أن يكونوا جزءاً من هذه الحملة، ويمارسوا هم قيادتها بوعي وثقافة.

ثالثاً، منصات التواصل الاجتماعي أصبحت نمط حياة، وتقوم على التفاهة في الانتشار والتفاعل لا الثقافة والمعلومات الدسمة الجادة؛ وهي بنوعيتها أساس موجودة كمتنفس عن الحياة ونافذة وعالم افتراضي تفاعلي يختاره الشخص عندما يشعر أنه أكمل كل ما هو مطلوب منه من واجبات ومسؤوليات في حياته الواقعية سواء الدراسية أو المهنية أو الاجتماعية فهو عندما يتصفح هذه المنصات يبحث عن محتوى خفيف بسيط فكاهي مرح لا معقد ورسمي وجاف ودسم بالتعليمات لذا أغلب المشاهير نجحوا في الشهرة، واستطاعوا الوصول بسرعة الصاروخ وفق هذا المبدأ للعلم.

رابعاً، لنفترض أن هذه الحملة ستحقق النتائج المطلوبة منها فما هو المحتوى البديل الذي من الممكن أن يناسب الذائقة الجماهيرية بدلاً من محتوياتهم؛ فهذه الشريحة من المراهقين والأطفال من الممكن التأثير عليهم بترك المشاهير والتخلي عن متابعتهم، لكن لا بد من الوضع في الاعتبار أنهم قضوا سنين طويلة متأثرين بهم، ويرونهم قدوة فبالمقابل هل هناك مشاهير بدلاء يستحقون الشهرة فعلاً ومؤثرين بنفس الذائقة التي تجذب المشاهدات والتفاعل وقادرة على استقطاب هذه الفئات؟ إن كان الجواب لا إذن هنا هناك خلل في الساحة والميزان وبالنهاية الجموع الذين تفاعلوا مع الحملة فترة ما مع الأيام سيشعرون بالملل، وسيرجعون لنفس الدائرة وهذا ما حدث في الحملات السابقة حيث كانوا فترة ما يلغون المتابعة ويقاطعونهم، لكن لعدم وجود البديل يعودون لمتابعتهم لذا فلا بد عندما القيام بمثل هذه الحملات التوعوية أن يراعي القائمون عليها أبعادها، وينظروا لما هو أبعد من موضوع إلغاء متابعتهم ومقاطعتهم حيث لا بد أن يوجهوا هذه الشرائح نحو مشاهير من أصحاب المحتويات الجميلة الهادفة الخفيفة الطابع القريبة من اهتماماتهم وميولهم كأطفال ومراهقين.