تسلل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «ChatGPT، وGemini»، إلى حياتنا اليومية بهدوء حتى أصبح جزءاً من روتيننا دون أن ننتبه. فنجده في هواتفنا عندما يقترح الكلمات أثناء الكتابة، وفي تطبيقات الترجمة الفورية التي تنقل النصوص بين اللغات بلمح البصر. كما تساعدنا أنظمة الذكاء الاصطناعي في صياغة الرسائل وتوليد الصور من وصف نصي، بل وتلخيص مقالات مطوّلة خلال ثوانٍ. وحتى في مجال التعليم، بات الأطفال والطلاب يستفيدون من تطبيقات تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تشرح الدروس، وتجيب عن الأسئلة بشكل مبسّط وجذّاب.
الفوائد الحقيقية لهذه الأدوات باتت واضحة للجميع. فهي توفّر الوقت والجهد عبر إنجاز المهام الروتينية بسرعة ودقة، مما يعزّز الإنتاجية في الدراسة والعمل. على سبيل المثال، يمكن للموظف الاعتماد على مساعد ذكي لترتيب جدوله أو الرد على الرسائل، ليتفرغ لما هو أهم. كما تدعم هذه الأدوات التعلّم الذاتي بتقديم توصيات مُخصّصة وتساعد على فهم المعلومات واتخاذ قرارات أفضل عبر تحليل كم كبير من البيانات بسرعة.
ولكن مع هذا الانتشار، تظهر أيضاً مخاطر الاستخدام غير الواعي. فالإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي قد يُضعف مهارات التفكير النقدي والإبداعي، إذ يعتاد الشخص على حلول جاهزة بدلاً من التفكير بنفسه. وقد يتضمن المحتوى المولَّد آلياً معلومات خاطئة تسهّل انتشار الأخبار الزائفة وتصعّب التمييز بين الحقيقي والمزيّف. كما أن هناك مخاوف حول الخصوصية، إذ تجمع كثير من التطبيقات بيانات المستخدمين دون علمهم، مما يهدد خصوصيتهم. ويمكن أن يؤثر الانبهار غير الواعي بالتقنية على القيم والسلوك، خاصةً لدى الصغار.
لذلك، وللاستخدام الآمن: أولاً، يجب التحقق من صحة المعلومات التي تقدمها أنظمة الذكاء الاصطناعي وعدم اعتبارها حقائق نهائية دون التحقق من مصداقيتها. ثانياً، ينبغي عدم الاعتماد الكامل عليها، بل التعامل معها كوسائل مساعدة فقط، مع الاستمرار في تنمية التفكير والتحليل الشخصي. ثالثاً، على الأهل والمُعلّمين مراقبة وتوجيه استخدام الأطفال لهذه التقنيات والتأكد من ملاءمة المحتوى للقيم والأخلاق. أما رابعاً، فمن المهم فهم أسس عمل هذه التقنيات وحدودها؛ فكلما فهم المستخدم آلية الأدوات استطاع استثمارها بشكل أمثل وتجنب عيوبها. وأخيراً وليس آخراً، يجب على الحكومات والدول وضع سياسات تحمي خصوصية المستخدمين، وتنظم عمل هذه التقنيات لضمان استخدامها بشكل مسؤول وآمن. ختاماً، وبوصفي خبيراً متمرّساً في علوم الذكاء الاصطناعي، نصيحتي هي:
«الذكاء الاصطناعي أداة رائعة إذا قادها عقل واعِِ، ولكنه يصبح خطراً إذا تحوّل الإنسان إلى تابعٍ لها؛ فالتقنية وُجدت لتخدمنا لا لتقودنا، فلنحرص دائماً على أن يبقى الإنسان سيّداً لها، لا العكس».