هي ليست المرة الأولى التي نشعر فيها بربكة مجتمعية بعد تطبيق قانون المرور الجديد، والذي هو في الأصل تعديل شامل للعقوبات المرورية. كثير من الناس أصابهم القلق والخوف، وكثيرون انتقدوا أن تتحول الفكرة من الردع إلى مجرد وسيلة لفرض المزيد من الرسوم على المواطنين والمقيمين!

لكن للحظةٍ قد يتوهم البعض أن المجتمع اعتاد المخالفات والسير بلا نظام، بينما الحقيقة غير ذلك. فأغلب السائقين عندنا لديهم قدر عالٍ من الالتزام، لا خوفاً من العقوبة، بل لأن السياقة عندهم فن وأخلاق، إذاً لماذا الخوف! نعم، هناك فئة تحاول أن تفرغ كبْتها، أو تستعرض عضلاتها في الشارع، بعضهم يرى نفسه أذكى من القانون، والبعض الآخر يظن نفسه أهم من القانون.

شخصياً تمنيت أن تكون العقوبات في بعض المخالفات التي تشكل خطراً حقيقياً في الشارع أكثر غلظة، لأن مثل هذه المخالفات لا تمس مرتكبها فقط، بل قد تودي بحياة أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم تواجدوا في اللحظة والمكان الذي كان فيه المستهتر يمارس تهوره وإجرامه.

والأرقام تؤكد ذلك في مملكة البحرين، فقد بلغ معدل وفيات حوادث المرور عام 2019 حوالي 5.2 لكل 100000 نسمة، وهو من أدنى المعدلات في العقدين الأخيرين، لكنه ما زال يعني خسائر مؤلمة.

وتشير الدراسات إلى أن الشباب دون 25 عاماً أكثر عرضة للوفاة بمعدل يفوق باقي السكان بثلاثة أضعاف ونصف، ما يجعل مخالفات مثل قطع الإشارة أو السرعة الزائدة سبباً مباشراً لمآسٍ يدفع ثمنها أبرياء.كما تمنيت أن يُفعَّل نظام النقاط المرورية الذي أصبح شائعاً في كثير من الدول، بحيث يُدمج مع المخالفات ليكون أكثر ردعاً وتنظيماً.

مجرد انتشار خبر تفعيل القانون الجديد أحدث ارتباكاً لدى كثير من المخالفين والمقصّرين، حتى الذين كانوا يستهينون بمخالفات إدارية بسيطة مثل (تسجيل المركبة) سارعوا إلى إنهاء التزاماتهم. وهنا أيضاً أتمنى من إدارة المرور أن تطلق مبادرة لتسوية المخالفات المتراكمة، بحيث تعطي فرصة للجميع لفتح صفحة جديدة مع النظام، عبر تخفيض المتأخرات أو تقسيط المبالغ، ليتمكن الجميع من تعديل أوضاعهم العالقة.

اليوم، لا أقول إن إدارة المرور تواجه تحدياً، بل أرى أنها بحاجة إلى مزيد من الوسائل والأساليب لرصد المخالفات. فالجميع يعلم أن هناك (كاميرات)، ولسنا نقول إننا نحتال عليها، لكننا نلتزم في أماكن محددة ونتساهل في أماكن أخرى حين نعرف أن الوضع آمن! لهذا نحن بحاجة إلى وسائل إضافية، مثل المرور السري، أو الاستعانة بسائقين مدنيين يعملون كوحدات للرصد، وغير ذلك من الأساليب التي بلا شك لدى إدارة المرور خطط لتحقيقها.

وبدورنا، نحن أفراد المجتمع، نشكر رجال المرور ونشد على أيديهم، فهم رمز الأمان في شوارعنا. رجل المرور ليس كما يُقال دائماً «قادم ليخالف»، بل هو قادم للعون وليحمي وليكون اليد التي تمنع حدوث مكروه لا سمح الله.