شكّلت الزراعة في إقليم البحرين خلال العصور الإسلامية ركيزة أساسية في حياة السكان ومصدراً مهماً للغذاء والتجارة. وبفضل طبيعة المنطقة ووفرة المياه في الواحات ووجود بيئة خصبة صالحة للزراعة، تنوع الإنتاج الزراعي بين الحبوب والبقول والفواكه والخضار، مما جعل البحرين جزءاً حيوياً في اقتصاد الجزيرة العربية.

الحبوب والبقول: احتلت الحبوب مكانة بارزة بعد التمور، فكانت غذاءً رئيساً لا يستغني عنه السكان حتى وُصفت بأنها «أم الطعام».

ذكر البكري أن طعام أهل الجزيرة العربية كان من القمح والشعير والأرز والجاروس، وكان الشعير من أهم المحاصيل العلفية. كما أن كثرة الطواحين في البحرين دليل على وفرة زراعة الحبوب.

وتشير الروايات إلى أن الصدقات زمن هارون الرشيد كانت تُؤخذ من التمور والحبوب معاً، مما يؤكد أهميتها.

وقد تنوعت الحبوب المزروعة مثل القمح (البُر)، والشعير، والسلت، والذرة، والدخن، إلى جانب البقول كالعدس واللوبياء والباقلاء والماش والسمسم. أما الأرز فقد استورد غالباً من الهند، مع وجود محاولات لزراعته في المنطقة بفضل وفرة المياه في الواحات، وقد أُشير إلى زراعته في الأحساء منذ العصور السومرية.

وقد حرص السكان على تخزين هذه الحبوب في «مدافن» تحت الأرض لحمايتها من التلف.

الفواكه: تجلّت مكانة البحرين الزراعية في تنوع الفواكه وجودتها، حتى أثنى عليها الجغرافيون والرحالة مثل الإدريسي وابن بطوطة. ومن أبرز الفواكه: الرمان، والموز الذي عُرف بطعمه المميز، والعنب الأبيض والأسود الذي اشتهرت به تاروت، كما وُجدت زراعات أخرى مثل التين، السفرجل، التوت، الخوخ، والمشمش.

ومن الفواكه البارزة أيضاً الحمضيات كالليمون والأترج والنارنج.

الخضار والمزروعات العطرية: إلى جانب الحبوب والفواكه، اشتهرت البحرين بزراعة أصناف متعددة من الخضار. فقد زرع الأهالي الباذنجان، والبصل، والفجل، والجزر، والقثاء، والثوم، إلى جانب القرع والخردل.

كما عُرفت بزراعة التوابل مثل الفلفل والجلجلان، فضلاً عن النباتات العطرية كالرياحين والزعفران. ومن النباتات التي اشتهرت بها المنطقة الزنجبيل، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم.

ختامًا يتّضح من هذا العرض أنّ إقليم البحرين في العصور الإسلامية كان غنيًا بالتنوع الزراعي، إذ جمع بين الحبوب والبقول والفواكه والخضار، ما جعله إقليمًا زراعياً متكاملاً ساعد على تلبية حاجات السكان الغذائية، وأسهم في التجارة الإقليمية.

كما عكس هذا التنوع قدرة أهالي البحرين على التكيف مع بيئتهم واستثمار مواردها الطبيعية بكفاءة، ممّا منحهم مكانة مميّزة في تاريخ الزراعة بالجزيرة العربية.