منتدى «مستقبل التكنولوجيا المالية 2025» في مملكة البحرين، جاء كلوحة متكاملة لثورة قادمة، ليست على الورق، إنما في عقول القادة والمبتكرين الذين اجتمعوا هنا، يحملون همسة المستقبل إلى حاضرنا، هذا الزخم الذي تحدثوا عنه هو نبض يمكن لأي حاضر للمنتدى أن يشعر به.

عندما يؤكد «منتدى مستقبل التكنولوجيا المالية 2025» هذا الحضور القياسي، ويتوقع توقيع أكثر من 38 مذكرة تفاهم، فإن الرسالة التي تصلني كمراقبة ليست فقط أن القطاع ينمو، بل إن البحرين نفسها تكتسب هوية جديدة، فهي لم تعد مجرد مركز مالي تقليدي؛ لقد أصبحت «منصة اختبار» عالمية.

الشركات الدولية لم تأتِ لتُقدّم عروضها فقط، إنما لتجرّب أفكارها في هذه التربة الخصبة، هذا يعني أننا أمام تحوّل جذري من موقع المتلقي إلى الشريك الفاعل في صناعة تقنية المال.

بين الأرقام والبيانات الرسمية، حيث تلتقي العقول المبتكرة في مملكة البحرين، أقف شاهدةً على تحوّلٍ جذري لا يقتصر على الاقتصاد فحسب، بل يمسّ نسيج حياتنا اليومية.

هذا ليس مجرد مؤتمر عابر، هو إعلان صريح بأن التكنولوجيا المالية لم تعد ترفاً، إنما أصبحت نبض الحياة الاقتصادية نفسه.

أهم ما في هذا الزخم هو تبعاته الاستراتيجية، إقبال الشركات الدولية لاستخدام البحرين كحاضنة لتجاربها يعني أننا لم نعد مستهلكين للتكنولوجيا، بل أصبحنا مختبراً حياً للابتكار، هذه ثقة عالمية بمتانة تنظيرنا المصرفي، ومرونة بيئتنا التشريعية، ورؤية مسؤولينا، السوق «المرن والمنظم والمستقبلي» ليس شعاراً، بل هو واقع نعيشه. تبعات هذا الاختيار تعني استقطاب الكفاءات، وخلق فرص عمل نوعية، ورفد اقتصادنا الوطني بدماء جديدة.

التكنولوجيا المالية لم تعد جزيرة منعزلة، لقد انتهى زمن الفصل بين «المالية التقليدية» و»التكنولوجيا المالية»، هذا التحول يعني أن الخدمات المصرفية التي نعرفها ستتغير جذرياً، الأثر الحقيقي ليس في عدد التطبيقات، بل في تمكين الأفراد، أن أرى شاباً يطلق مشروعه بتمويل جماعي عبر منصة رقمية، وأرى أسرة تدّخر وتستثمر بضغطة زر، وأرى رجل أعمال يتعامل مع عملاء عالميين من غير أن يغادر مكتبه، هذه هي «الحرية» الحقيقية.

التوسّع المتوقع لنظام التكنولوجيا المالية في البحرين، والمشاريع الجديدة، كلها تؤسس لنتيجة حتمية، البحرين مركز إقليمي رائد للتكنولوجيا المالية، تفاؤل ليس من فراغ، بل هو قائم على إنجازات ملموسة، تضاعف عدد الرعاة، والمشاركة الدولية الواسعة كلها مؤشرات على أن البحرين تضع لبنات متينة لموقعها الريادي.

أدرك أننا لا نشهد حدثاً اقتصادياً عادياً، نحن نشهد ولادة نموذج جديد، نموذج يجعل من البحرين منارةً للابتكار، ومركزاً لصناعة المستقبل، التكنولوجيا المالية لم تعد مجرد أدوات، إنما أصبحت فلسفة جديدة للتعامل مع المال، والبحرين تثبت أنها الراعي الأمثل لهذه الفلسفة.