نشرت مجلة علوم الغلاف الجوي والمناخ Atmospheric and Climate Sciences Journal of، وهي مجلة عالمية علمية محكمة ومصنفة، ومسجلة في أمريكا وتدار في مدينة أوهان الصينية، بحثاً بعنوان «تأثير القصف العسكري الحالي على الاحترار العالمي وتغير المناخ» من إعداد البروفسور وهيب الناصر، أستاذ الفيزياء التطبيقية في جامعة الخليج العربي، مملكة البحرين، والبروفسور منير نايفة، أستاذ الفيزياء في جامعة إلينوي في أوربانا شامباين، الولايات المتحدة الأمريكية.
وتناول البحث العلاقة بين الصراعات العسكرية الأخيرة، وتحديداً الصراعات الحرب على تدمير غزة، وحرب روسيا-أوكرانيا، والقصف المتبادل بين إسرائيل-أمريكا وإيران، وأن تلك الممارسات العسكرية التدميرية قد تسببت في رفع درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار °C 0.0013 (درجة مئوية)، وهذه الزيادة في درجة حرارة كوكب الأرض تعادل تلك الحرارة الصادرة من تفجير حوالي 106,000 قنبلة نووية ؛ فقد وصل حجم الانبعاثات الكربونية ما يمثل 1.8% من الكمية الحالية لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي (53 مليار طن) - أي تم تحرير تلوث بغاز حابس للحرارة بكمية قدرها 9 10 طن (1 مليار طن) - وأن تلك الحرارة قد تسببت في جعل العشوائية في نظام الغلاف الجوي تصل إلى 5.3x1015 J/kg (جول لكل كجم).
وبحسب البحث، فقد بلغ حجم الحرارة الناتجة من تلك الممارسات التدميرية العسكرية 2.93 x1018 J (جول)، وهي تعادل الحرارة الناتجة من تفجير 46,500 قنبلة نووية، علماً بأن كل قنبلة نووية (كتلك التي أسقطتها أمريكا على هيروشيما) تنتج حرارة قدرها 6.3x1013 J (جول) عند تفجيرها، وأن 1 طن من تفجير مادة TNT يطلق حرارة قدرها تساوي 4.2x109 J (جول)، وهذا يعني أن كمية المادة المتفجرة من هذه الممارسات العسكرية بلغت 700 مليون طن من مادة تي إن تي.
وفيما يلي موجز لأهم ما تناولته هذه الدراسة:
- آلية التأثير: يوضح البحث أن عمليات القصف والانفجارات تطلق غازات الاحتباس الحراري، وبالأخص ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراق السريع للمركبات العضوية الغنية بالكربون الموجودة في المتفجرات مثل مادة TNT.
- إجمالي الانبعاثات: تُقدر كمية مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من القصف في الصراعات الأربعة بنحو مليار طن، وهو ما يمثل حوالي 1.8% من الكمية السنوية الحالية لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي (53 مليار طن).
ارتفاع درجة الحرارة: توصلت الحسابات التقريبية في البحث إلى أن الزيادة في درجة الحرارة العالمية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من هذه الصراعات تبلغ 0.0013 درجة مئوية.
- الإنتروبيا (العشوائية أو اللانظام): يناقش البحث التداعيات الأوسع لزيادة الحرارة، بما في ذلك زيادة عشوائية (اللانظام) اضطراب المناخ والإنتروبيا، مما يؤدي إلى مزيد من الظواهر الجوية المتطرفة. وقد قُدر التغير التقريبي في الإنتروبيا بـ5.3x1015 J/kg (جول / كجم).
- المكافئ النووي: قُدر إجمالي الحرارة المنبعثة من المتفجرات بنحو 2.9 x1018 J (جول)، وهو ما يعادل الطاقة الحرارية من انفجار حوالي 46,500 قنبلة نووية من نوع هيروشيما، علما بأن كمية المادة المتفجرة من هذه الممارسات العسكرية بلغت 700 مليون طن من مادة تي إن تي.
- نقطة إجرائية: يشير البحث إلى أن انبعاثات العمليات العسكرية غالباً ما لا تُدرج في تقارير المناخ الوطنية السنوية أو في تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
ووفقاً للدراسات الحديثة، تساهم الحروب بشكل كبير في ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث تشير التقديرات إلى أن النشاط العسكري العالمي مسؤول عن ما يقارب 5.5% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، وهذا الرقم يضع الانبعاثات العسكرية على قدم المساواة مع قطاعات صناعية كبيرة مثل صناعة الأسمنت.
ومن آليات تأثير الحروب على ارتفاع درجة الحرارة هو التالي:
1. زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري: تعتمد العمليات العسكرية بشكل مكثف على الوقود الأحفوري لتشغيل المركبات والطائرات والسفن الحربية، مما يؤدي إلى انبعاث كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
2. تدمير النظم البيئية: تؤدي الحروب إلى تدمير الغابات والمناطق الطبيعية، والتي تُعد بركاً أو خزانات طبيعية للكربون؛ فعمليات القصف وإشعال الحرائق في المناطق المتنازع عليها، مثل حرائق آبار النفط، تطلق كميات هائلة من الكربون إلى الغلاف الجوي وتُقلل من قدرة الطبيعة على امتصاصه.
3. التأثير على الحوكمة البيئية: تؤدي النزاعات المسلحة إلى انهيار المؤسسات البيئية في المناطق المتضررة، مما يسمح بممارسات ملوثة وغير مستدامة بالانتشار دون رقابة.
4. توجيه الموارد بعيداً عن العمل المناخي: تحول الحروب الانتباه والموارد بعيداً عن جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها. وهذا يؤدي إلى إضعاف الاتفاقيات والبرامج البيئية.
- الخلاصة:
لا تسبب الحروب ارتفاعاً مباشراً وفورياً في درجة حرارة الغلاف الجوي، ولكن مساهمتها تأتي من خلال التراكم المستمر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتدمير البيئي الذي تسببه على مر الزمن، مما يفاقم من اتجاه الاحترار العالمي. وتكمن المشكلة في أن هذه الانبعاثات العسكرية غالباً ما تكون مستثناة من اتفاقيات المناخ الدولية.
* أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة الخليج العربي