تشهد الرعاية الصحية النفسية تحولاً جوهرياً من العلاج التفاعلي القائم على الاستجابة للحالات إلى نهج استباقي يعتمد على الدعم المستمر.

يقود هذا التحول اندماج تقنيات الذكاء الاصطناعي (من التعلم الآلي إلى النماذج اللغوية الكبيرة) مع تدفقات بيانات تراعي الخصوصية، مستمدة من السجلات الصحية والأجهزة القابلة للارتداء وغيرها.

النتيجة ليست مجرد تقنيات أفضل، بل نظام رعاية يتدخل مبكرا،ً ويُخصص العلاج، ويوسّع نطاق الدعم ليصل إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا. كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي والتحليلات الذكية تحولاً في الرعاية النفسية

- التشخيص المبكر: تُحلّل النماذج القائمة على الذكاء الاصطناعي مجموعات بيانات معقدة مثل أنماط النوم، ومعدل ضربات القلب، أو لغة المستخدم في وسائل التواصل الاجتماعي لاكتشاف العلامات المبكرة للاكتئاب أو القلق.

كما تكشف تقنيات معالجة اللغة الطبيعية عن مؤشرات لغوية وعاطفية للضيق النفسي، مما يتيح التدخل الاستباقي.

- خطط علاجية مخصصة: بدلاً من اتباع نماذج علاجية موحدة، يدمج الذكاء الاصطناعي البيانات السريرية والسلوكية ونمط الحياة لتقديم مسارات علاجية مصممة للأفراد.

تكشف النماذج التنبؤية عن أكثر التركيبات العلاجية فعالية، فيما تُحدث أنظمة التعلم التعزيزي تعديلات على الخطط وفق تطور الحالة.

- الدعم النفسي الافتراضي: يقدّم الوكلاء الافتراضيون إرشادات متعاطفة قائمة على أسس علاجية علمية مثل العلاج السلوكي المعرفي.

وتوفر هذه النظم دعمًا عاطفيًا مستمرًا للمرضى، وتساعد على الحفاظ على انتظام المرضى في العلاج، كما ترتبط بلوحات متابعة للأطباء لمواصلة إشراك المرضى بين الجلسات.

- الكفاءة التشغيلية: تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي وأتمتة العمليات الروبوتية في تبسيط مهام الجدولة والتوثيق.

كما تساعد التحليلات التنبؤية في تحسين توزيع الموارد البشرية وتحديد المرضى الأكثر عرضة للمخاطر، مما يقلل من الإرهاق المهني ويتيح للأطباء التركيز على علاج المرضى.

- التنبؤ بالأزمات: باستخدام بيانات زمنية من الأجهزة القابلة للارتداء أو النشاطات الهاتفية، يمكن للنماذج التنبؤية استشراف الأزمات النفسية قبل وقوعها.

ويسمح اكتشاف الانحرافات الطفيفة عن الأنماط السلوكية المعتادة للأطباء بالتدخل المبكر.

* البيانات الضخمة ودورها في تعزيز الوقاية والتشخيص المبكر:

- التحليل المتكامل للبيانات: يسهم دمج السجلات الصحية وبيانات أجهزة الاستشعار في تكوين صورة شاملة للحالة النفسية للفرد. كما تمكّن تقنيات «التعلّم الموحّد» النماذج من التعلم عبر مصادر متعددة دون مشاركة البيانات ، مما يحافظ على الخصوصية ويُحسّن الشمولية.

- النماذج التنبؤية: توفر تحليلات البيانات الضخمة تنبؤات دقيقة للمخاطر. إذ تساعد أساليب التعلم الآلي على تحديد الأفراد الأكثر عرضة لتطور اضطرابات نفسية، ما يمكّن من تنفيذ تدخلات مبكرة وتخصيص الموارد الصحية بشكل مستهدف.

- إدارة الصحة النفسية المجتمعية: تكشف التحليلات واسعة النطاق والخرائط الجغرافية عن اتجاهات الصحة النفسية في المجتمعات وعلاقتها بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية، ما يوجّه جهود الوقاية نحو الفئات والمناطق ذات الأولوية.

- أدوات الفحص المعززة بالذكاء الاصطناعي: يؤدي دمج تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية والتحليل الحيوي إلى تطوير أدوات تشخيصية متعددة الأبعاد وأكثر موضوعية للتعامل مع الحالات المعقدة أو غير المبلغ عنها مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاضطراب ثنائي القطب.

- برامج وقائية شخصية: تعتمد التدخلات التكيفية الفورية (JITAIs) على البيانات اللحظية من الهواتف الذكية أو الأجهزة القابلة للارتداء لتقديم تنبيهات في الوقت المناسب مثل تمارين التنفس لتعزيز المرونة النفسية والحفاظ على المشاركة العلاجية المستمرة.