تواصل مملكة البحرين من خلال استضافتها السنوية لمنتدى «حوار المنامة» تأكيد دورها المحوري في ترسيخ مفهوم الحوار كوسيلةٍ لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. فالمنتدى، الذي أطلق قبل أكثر من عقدين، أصبح منصةً فكرية ودبلوماسية تجمع صناع القرار والخبراء من مختلف الدول لمناقشة التحديات الإقليمية والدولية، وصياغة مقاربات واقعية للتعامل معها.

في نسخته الحادية والعشرين هذا العام، جاء المنتدى تحت عنوان «القوة الإقليمية وفن الحكم في ظل التغيرات العالمية»، ليؤكد أن مفهوم القوة لم يعد مقتصرًا على الجوانب العسكرية، بل يشمل الحوكمة الرشيدة، والاقتصاد المتكامل، والتعاون القائم على المصالح المشتركة.

وقد ألقى سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي، نيابةً عن صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، كلمةً أبرز فيها رؤية البحرين الثابتة في دعم الأمن والسلام، وأهمية الاستقرار كشرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى ما حققه المنتدى من مكانة دولية رفيعة كمحطة تجمع القيادات والخبراء لتبادل الرؤى وبناء جسور التعاون.

كما أكد سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية، في مداخلته، أن الأمن الشامل لا يتحقق إلا من خلال العمل الجماعي والتفاهم المتبادل، موضحاً أن البحرين تؤمن بأن الحوار هو السبيل الأمثل لحل النزاعات، وأن التكامل الاقتصادي الخليجي يشكل ركيزة أساسية للأمن الإقليمي.

وتطرق إلى أهمية الشراكات الدولية، وأمن الممرات المائية، والتعاون في مجالات الطاقة والأمن السيبراني، مشدداً على الترابط الوثيق بين الأمن والازدهار والتنمية.

وشهدت أعمال المنتدى هذا العام توسعًا في محاوره، حيث تناولت جلساته قضايا مستقبل الحوكمة والأمن العالمي، وتأثير الذكاء الاصطناعي والتحول في مصادر الطاقة على استقرار الدول، وهو ما يعكس تطور المنتدى في مواكبة التحولات العالمية وطرح مقاربات عملية لمواجهتها.

ولعل من أبرز ما يميز «حوار المنامة 2025» هذا العام هو الحضور اللافت لشخصيات سياسية عالمية بارزة من مختلف القارات، جاءت إلى المنامة لمناقشة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم، في مشهدٍ يعكس الثقة الدولية المتزايدة في الدور البحريني. وهذا بحد ذاته دليل على أن المنامة أصبحت بحق «عاصمة الحوار والأمن الإقليمي»، ومركزًا لتلاقي الرؤى وصياغة المبادرات التي تسهم في استقرار المنطقة وتوازن سياساتها.

إن استمرار «حوار المنامة» بهذه القوة من المشاركة والنقاشات الثرية يعكس المكانة المرموقة التي تحظى بها مملكة البحرين في محيطها الإقليمي والدولي، ودورها الفاعل في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأمم.

فالمنتدى لم يعد مجرد لقاء سنوي، بل أصبح أحد أهم المنابر الفكرية والسياسية التي تسهم في صياغة الرؤى المستقبلية للأمن الإقليمي والعالمي.

وبذلك، يظل «حوار المنامة» عنواناً واضحاً لسياسة بحرينية ثابتة، تؤمن بأن الحوار هو الطريق الأجدى لترسيخ الأمن، وأن بناء الثقة بين الدول هو أساس التنمية والسلام المستدام.