في قاعة المحكمة، وقف والدان يواجهان أقسى أنواع الألم؛ وفاة ابنهما، المشهد لم يكن مجرد جلسة قضائية عادية، بل كان اختباراً حقيقياً للقلوب والإنسانية في لحظة مليئة بالألم.
تحدث الأب بكلمات ثقيلة بالحزن، لكنها حملت في طياتها رحمة غير متوقعة، بعفوية ووعي عميق، قال للقاضي: «لم تكن تقصد» هذه العبارة تعكس فهماً نادراً للفرق بين الخطأ البشري غير المقصود وبين الفعل المتعمد.
أما الأم، التي حملت الطفل في أحشائها وربطتها به أعمق الروابط، فقد اختارت هي الأخرى التنازل عن حقها في القصاص، في عينيها الحزينتين كانت رسالة واضحة: الروح البريئة لطفلها لن تعود بالانتقام، وأن استمرار الخير والتسامح هو الإرث الحقيقي الذي يليق بذكراه.
هذه ليست مجرد قضية في سجل المحاكم، إنها لوحة إنسانية رسمتها أيادي الألم بصبرٍ لا يفهمه إلا من يملكون قلوباً كقلوب البحرينيين، إنها القيم التي تربّى عليها هذا الشعب، قيم العفو عند المقدرة، والرحمة حتى في ساعات الجرح العميق، لقد قدم الوالدان درساً في الإنسانية، كشفا للجميع أن العدالة ليست بالضرورة في تطبيق أقصى العقوبات.
في خضمّ الألم، يبقى القلب البحريني كاللؤلؤة في أعماق الخليج، تتشكل عبر السنين لتعطي أجمل ما فيها رغم الظروف القاسية. هذه القصة، رغم مأساويتها، تذكّرنا بأن معدن هذا الإنسان لا يصدأ، وأن قلبه لا يتقلّص بالألم، بل يتّسع بالعفو والسماحة.
يبقى هذا الموقف مثالاً يُحتذى به في التسامح وقوة الإنسان في تحويل المأساة إلى رسالة إيجابية، رحم الله الفقيد، وألهم والديه ومحبيه الصبر والسلوان.