شهدت وسائل التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً للموقف الإنساني النبيل لعائلة أسرة الطفل حسن وتنازلهم عن حقهم الشرعي في القضية التي هزّت مشاعر المجتمع البحريني بوفاة الطفل ونسيانه في السيارة أثناء توصيله إلى الروضة. هذا العفو يجسّد القيم البحرينية الأصيلة، وهو ما لاقى تفاعلاً واسعاً في الشارع البحريني وهو حقيقة صورة من صور التسامح. وقد ضرب والدا الطفل أسمى وأرفع درجات الإيمان بالرضا بالقضاء والقدر، وهو بمثابة الدرس الإنساني الراقي في الصبر والرحمة واحتساب الثواب والأجر، رغم مرارة الموقف الذي يعتصر القلب له لكن أسرة الطفل آثرت العفو لوجه الله تعالى. هذا الموقف الإنساني النبيل لم يكن مجرد قرار عاطفي، بل رسالة سامية مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، ومن نهج القيادة الحكيمة التي جعلت من الرحمة والتراحم أساساً في التعامل بين الناس.

لقد ترك هذا الموقف أثراً عميقاً في نفوس البحرينيين وأعاد التأكيد على أن البحرين تظل نموذجاً في التآلف والرحمة والتكاتف الإنساني. وما زاد المشهد إنسانية استقبال سعادة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن مبارك جمعة لوالد الطفل، في بادرة تعبّر عن حرصه الإنساني واهتمامه الأبوي، وهي ليست بغريبة عن سعادته المعروف بقربه من الناس وبتفاعله الدائم مع القضايا المجتمعية والتعليمية بروح المسؤولية والإنسانية. كما لفت نظري مبادرة وزارة التربية والتعليم بنشر فيديو عبر حسابها في «إنستغرام» يوثق اكتشاف أربع حالات لنوم الطلبة في الحافلات الحكومية، في خطوة تعكس شفافية الوزارة وحرصها على تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية سلامة الطلبة، وقام الوزير بتكريم السائقين البحرينيين الذين اكتشفوا تلك الحالات، في لفتة تشجيعية تؤكد أهمية الدور الوطني والإنساني الذي يؤديه هؤلاء العاملون في الميدان التربوي كل يوم.

ما حدث من عفو هو بمثابة الرسالة التوعوية المهمة التي تعكس أن الحادث الأليم لم يمرّ دون أن يتحوّل إلى درس إنساني وإداري يُسهم في حماية الأرواح مستقبلاً، وتذكير للجميع بأن الأطفال هم أمانة الله في أعناقنا وأن حمايتهم مسؤولية لا تحتمل التهاون، فهم أحباب الله ونبض المستقبل ومن أجلهم يجب أن تتكامل كل الجهود لتبقى مدارسنا وحافلاتنا وقلوبنا أماكن آمنة تنبض بالحياة والرحمة، وهو درس على الجميع أن يقوم بمسؤولياته من الأسرة في عدم سهر أبنائهم لوقت متأخر حتى لا يغلبهم النعاس في الحافلات، ودرس لكل سائق يقوم بتوصيل الطلبة أن يتأكد من خلو المركبات من الطلبة قبل أن يغادر مركبته، وهناك لابد من وجود قانون يحمي الأطفال حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة.

همسةعفوُ ذوي الطفل صفحة مضيئة في سجل الإنسانية ودرسٌ عميق في التسامح يغسل الألم بفيض الإيمان. نسأل الله أن يربط على قلب والدَي الطفل حسن وأن يجزيهما على صبرهما وعفوهما واحتساب الأجر والثواب.