سوق الأسهم الأمريكية –وبالتالي العالمية– تهيمن عليها اليوم سبع شركات تكنولوجيا عملاقة تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات. وليس ذلك لأنها الأفضل فقط فيما تقدمه من أدوات رقمية وبرامج حديثة تخدم البشرية، بل لأنها كلها تراهن حالياً على الذكاء الاصطناعي.

في نشرة (العالم) الأسبوعية التي تصدرها نيويورك تايمز، ناقشت الصحيفة هذا الموضوع وذكرت أن العالم وصل إلى مرحلة لا يعلم فيها إلى أين يمكن أن تصل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والأخطر – كما تذكر – أن الشركات الضخمة نفسها التي تستثمر بكثافة في هذا المجال غير قادرة على توضيح رؤيتها وأهدافها تجاه الذكاء الاصطناعي. كما حذّرت من أن معظم الشركات الصغيرة العاملة في هذا المجال تقدم مهام وخدمات متشابهة، مما قد يؤدي على المدى الطويل إلى خروج جماعي لكثير منها من السوق.

وذكرت الصحيفة أن جوجل وأمازون ومايكروسوفت وميتا هي الوحيدة التي تمتلك قوة حوسبة computing power هائلة تمكّنها من تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وأن أي شركة ناشئة أو صغيرة ترغب في دخول هذا المجال تضطر للدفع لها مقابل استخدام هذه القوة والقدرات، ولذلك ترتفع أرباح الشركات الكبرى وأسهمها بشكل مستمر. لكن المشكلة – كما تنبّه الصحيفة – تكمن في حال تعثّر الشركات الصغيرة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الشركات الكبرى، ما قد يؤدي إلى أزمة شبيهة بأزمة الـ Dot-Com التي حدثت في عام 2000.

ومن باب التذكير، فقد شهدت أسواق الأسهم الأمريكية من عام 1995 إلى 2000 ارتفاعاً غير مسبوق بسبب ثورة الإنترنت، والتي أدت إلى ضخ استثمارات هائلة في شركات التكنولوجيا الناشئة آنذاك. وقد ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة وصلت إلى 600% خلال تلك الفترة. إلا أن العديد من الشركات الناشئة لم تصمد ولم تحقق الأرباح، فانهارت وخرجت من السوق، وانعكس ذلك على القطاع بأكمله، لتصل خسائر بعض الأسهم إلى 80%.

شخصياً، أشك كثيراً في ما يُقال عن الذكاء الاصطناعي وقدراته الخارقة على تغيير المستقبل، وأرى أن الكلام مبالغ فيه للغاية مهما تحدث «الخبراء» عن تغيرات جذرية ستطال حياة الناس. ففي كل مجال يخرج لنا «خبراء» يعدون الناس بنجاحات مستمرة إلى الأبد. حدث ذلك في قبل أزمة الرهن العقاري على سبيل المثال، عندما تحدث «الخبراء» عن صعود دائم للعقارات وأرباح بالملايين.

وأعتقد أن التضخم الكبير في أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية وارتفاعها إلى مستويات خيالية يتطلب مزيداً من الحذر في التعامل معها. ولعل نيويورك تايمز محقّة عندما تعتبر أن ما نشهده اليوم من تهافت جنوني على الذكاء الاصطناعي قد لا يكون سوى فقاعة قد تنفجر في أي لحظة.