تُعد الإدارة بالنتائج، أو الإدارة القائمة على النتائج كما يُطلق عليها في اللغة الإنجليزيةResults- based) management) ، واختصاراً (RBM) واحدة من أهم أسس الإدارة العصرية الفعّالة التي استطاعت إحداث تغييرات ملحوظة في ميادين الأعمال المختلفة- التي اختارت أنّ تتّبع هذا النهج الاستراتيجي الحديث- والذي يقوم على أسس تختلف من حيث الجوهر والتطبيق عن الاستراتيجيات الأخرى، ويعتمد بصورة مباشرة على ما يُسمى بالتغذية الراجعة للوصول إلى الغايات التي ترسمها المنظّمات.
إن التدبير المرتكز على النتائج كخيار للتدبير الحكومي عرف خطواته الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد عبر مجموعة من المقاولات والشركات التي تبنته، ثم انتقل بعد ذلك إلى مجموعة من الدول المتقدمة كفرنسا والدول الاسكندنافية.
لهذا جاء مفهوم الإدارة القائمة على النتائج كتطور مهم عن المفاهيم الإدارية السابقة، ويتضمن الأهداف والغايات التنظيمية، وتقييم الأداء وردود الأفعال، وتركز الإدارة القائمة على النتائج على النتيجة المترتبة على تحقيق المخرجات، ولا تكتفي فقط بتحقيق الهدف، بل تنظر إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال المتابعة المستمرة من أجل قياس الأثر المترتب على هذه الأهداف أو المخرجات.
لذلك ينبغي التركيز وبشكل منتظم على النتائج وعلى التوظيف الأمثل للموارد البشرية والمالية في إطار التدبير الحكومي الجيد، وذلك استجابة للضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية؛ فالضغوط الاقتصادية المتمثلة في العجز في الميزانيات العامة، والمشاكل الهيكلية، وتنامي القدرة التنافسية والعولمة؛ ومن العوامل السياسية والاجتماعية، لا تكون تصرفات مقدم الخدمة أو المؤسسة متسقة بما يكفي بحيث يمكن التنبؤ بها من قبل الجمهور، تزايد الطلب على خدمات أفضل وأكثر استجابة، تحسين وتفعيل مبدأ المساءلة عن تحقيق النتائج، وتزايد الطلب على المزيد من تطبيق المساءلة والمحاسبة، لذلك كله تم إدخال نهج الإطار المنطقي تدريجيا في القطاع الحكومي في عدد من البلدان، خاصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «بريطانيا وأستراليا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة الأمريكية».
والإدارة المرتكزة على النتائج مبادئ محددة يمكن اختصارها كما يلي:
- المساءلة: القدرة على تقديم الإجابة، وتحمل المسؤولية، ومحاسبة الأطراف العاملة بعضها بعضا، من أجل النتائج التي يتشاركون فيها، وذلك بتأسيس آليات جديدة لمساءلة المديرين والموظفين عن تحقيق النتائج داخل مجال عملهم. مبدأ المشاركة، ويعني إتاحة الفرصة للمرؤوسين في التعبير عن آرائهم ومقترحاتهم بما يتفق مع مصلحة العمل. الملكية الوطنية للنتائج، وتعني أن الحكومات مسؤولة عن صياغة البرامج التنموية الوطنية وتحقيق استراتيجيات تنموية ذات سيادة، وممارستها لسلطتها في سياسات وتدخلات التنمية. مبدأ الرقابة الذاتية، ويمثل هذا المبدأ أن كل موظف بالمؤسسة طبقاً لهذا المبدأ يكون رقيباً على نفسه أثناء أداء العمل، أو مشاركته.
- مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب: يُعد اختيار وتمحيص الكوادر والقيادات الصالحة والقادرة والراغبة في العمل، من أهم النجاحات في تطبيق الإدارة بالنتائج، فالقيادي يستطيع التحكم في المؤشرات، والحفاظ على الاتجاه، ومراقبة النظم والعمليات، ويمكنه التكيف والتغيير إلى الأفضل. تغيير الثقافة التنظيمية، من قيم، ومواقف، وسلوكيات مطلوبة من موظفيها؛ لتنفيذ أسلوب التمركز على النتائج، وعلى أساس إدارة فعالة، بغرس روح الالتزام عن طرق التصريح المباشر والمفتوح للأداء، وتوجيه الجميع نحو تحقيق رؤية المؤسسة ورسالتها من خلال فكر موحد. استخدام معلومات النتائج.
ويمكن تعريف الإدارة المرتكزة على النتائج في الإدارة الحكومية بأنها: نهج إداري تركز فيه الإدارة الحكومية على النتائج المتوقعة منها عند القيام بأي عملية إدارية أو تكوينية وبصفة أساسية. وبناء على ما تقدم نرى أنه يمكن تحقيق كفاءة أكثر للإدارة الحكومية من خلال وضع الأهداف المحددة، من خلال تفعيل المشاركة في وضعها مع العاملين بالمؤسسة، والعمل على تشخيص العوامل التي تعوق تنفيذ هذا الأسلوب الإداري الجيد، بغية التغلب على تلك المعوقات، كما يسمح هذا الأسلوب بمراجعة الخطط دوريًا، ووضع أهداف جديدة تواكب المستجدات والتطورات، وأخيرًا يمكن الاستفادة من هذا النهج الذي يمكن من تحدي المخاطر المستقبلية للمؤسسة وإدخال ممارسات جيدة.
* متخصص في القانون الدولي العام والعلوم السياسية