في الأسبوع الماضي، شهدت البحرين فعاليتين بارزتين، كشفتا عن مستوى رفيع من التنظيم والقدرة على إدارة الفعاليات الكبرى بكفاءة. الأولى كانت احتفالية يوم المرأة البحرينية التي أقيمت هذا العام في مركز عيسى الثقافي الواسع، والثانية القمة الخليجية السادسة والأربعون التي احتضنتها المملكة، وتابعها الإعلاميون من المركز الإعلامي في فندق الدبلومات.
أبرز ما لفت انتباهي في احتفالية يوم المرأة، التي نظمها المجلس الأعلى للمرأة، وأقيمت برعاية وحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، هو البساطة الأنيقة للحدث. كان البرنامج مختصراً ومدروساً، بعيداً عن الإطالة والتفاصيل التي تتعب الحضور وتشتت الانتباه.
كما أن قائمة المكرّمات كانت قصيرة وواضحة، ما جعل أسماءهن حاضرة في الذاكرة، خلافاً لكثير من فعاليات التكريم التي تضم عشرات الأسماء، فتضيع الوجوه وتتبخر التفاصيل. وأرى أن هذا النموذج يقدّم درساً مفاده أن الاحتفاء الحقيقي لا يحتاج إلى مبالغة، بل إلى وضوح واحترام لوقْتِ الحضور ولمن يتم الاحتفاء به.
أما القمة الخليجية السادسة والأربعون، فقد شكّلت نموذجاً متقدّماً في إدارة حدث سياسي وإعلامي كبير. ورغم أن الجلسات الرسمية انعقدت في قصر الصخير الفخم، إلا أن المركز الإعلامي الذي جهّزه مركز الاتصال الوطني في فندق الدبلومات كان محوراً مهماً في نجاح التغطية. فقد تم تحويل قاعات الفندق إلى مركز متكامل يوفر للصحفيين ما يحتاجونه من مساحات عمل، وقاعات بثّ، وفرق دعم، وخدمات تقنية متواصلة. وهذا الإعداد المهني مكّن وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية من تغطية القمة بسلاسة، وكان فرصة للقاء الزملاء وتبادل الخبرات والانطباعات.
ما جمع الفعاليتين وجود رؤية تنظيمية واضحة تهتم بالتفاصيل الدقيقة، وفرق عمل محترفة، وغياب لكل ما هو زائد عن الحاجة. والمعروف أن حسن تنظيم الفعاليات ليس مجرد مهارة لوجستية، بل انعكاس لثقافة تهتم بمتطلبات الضيف، وتؤمن أن الجودة تظهر في التفاصيل الصغيرة.
وفي عالم تتسارع فيه الأحداث، وتزداد فيه المنافسة بين الدول على الصورة والفاعلية، يظل التنظيم المحترف للفعاليات الكبرى إحدى أدوات القوة الناعمة. والبحرين أثبتت، من خلال هاتين المناسبتين، أنها مضيفة مميزة وصاحبة قدرات فائقة في إدارة المناسبات.